الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا شرع الطلاق ؟

لماذا شرع الطلاق ؟

يعتبر الطلاق قضية من القضايا التي أثارها المستشرقون ـ كغيرها من القضايا ـ قاصدين بذلك أن الإسلام ظلم المرأة حين جعل الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة ، ونحن هنا نود أن نسأل سؤالاً ، لماذا شرع الطلاق ؟ ثم نتبعه بسؤال آخر ، لماذا كان الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة ؟ وهل ليس للمرأة حق في فسخ العقد إن وقع عليها من زوجها ما يفسد حياتها ، أو يفسد عليها دينها ؟
لماذا شرع الطلاق ؟
قد يظن بعض الناس أن الطلاق شعيرة من شعائر الإسلام ، أو أن الإسلام جعله أمرا واجباً ، أو مدحه أو حض عليه ، لكن الأمر على غير ذلك تماماً
إن الطلاق : هو حل رابطة الزواج بلفظ صريح أو كناية مع النية ، وقد يختلف حكمه ، فقد يكون مباحاً إن كان به رفع ضرر لأحد الزوجين ، قال تعالى :
( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) [ البقرة : 229].
وقد يكون واجباً ، إذا كان ما ألحق بأحد الزوجين من ضرر لا يرفع إلا به ، وقد شكا رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بذاءة زوجته فقال له ( طلقها ) رواه أبو داود .
وقد يكون حراماً ، إذا كان يلحق بأحد الزوجين ضرراً لكنه لم يحقق للطرف الثاني منفعة وفي الحديث :( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) رواه أبو داود ، وقال ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) رواه أبو داود .
وقد يكون مندوباً ، وهذا عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها ، مثل الصلاة المفروضة ولا يمكنه إجبارها عليها ، أو تكون غير عفيفة .
قال الإمام أحمد : لا ينبغي إمساكها ، لأن فيه نقصاً لدينه ولا يأمن إفساد لفراشه .
قال ابن قدامة : ويحتمل أن يكون الطلاق في هذين الموضعين واجب .
ومن هنا فإن اللجوء إلى القضاء إنما هو لجوء المضطر ، وآخر أنواع العلاج ، وهو الكي إن تعذر غيره من الدواء .
يقول الشيخ القرضاوي : ( إنما الطلاق الذي شرعه الإسلام أشبه ما يكون بالعملية الجراحية المؤلمة ، التي يتحمل الإنسان العاقل فيها آلام جرح ، بل بتر عضو منه ، حفاظا على بقية الجسد ودفعا لضرر أكبر .
إن فرض هذه الحياة بسلطان القانون عقوبة قاسية ، لا يستحقها الإنسان إلا بجريمة كبيرة ، إنها شر من السجن المؤبد بل هي الجحيم الذي لا يطاق ، وقديما قال أحد الحكماء : ( إن من أعظم البلايا معاشرة من لا يوافقك ولا يفارقك ).
وقال المتنبي :
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عــــدوا له ما من صــداقته بـــد
وإذا قيل هذا في الصاحب الذي يلقاه الإنسان أياما في الأسبوع أو ساعات في العمل ، فكيف بالزوجة التي هي قعيدة بيته ، وصاحبة جنبه ، وشريكة عمره ؟
وبهذا نستطيع الإجابة عن السؤال الأول وهو لماذا شرع الطلاق ؟ والجواب أنه شرع لفض رابطة الزواج إذا استحالت الحياة
ما قبل الطلاق
ولما كان الطلاق هو نهاية المطاف ، والعلاج المؤلم لمرض خطير كان لابد أن يسبقه أمور عدة حتى لا يلجأ الناس إليه ، ومن ذلك :
1. حسن اختيار الزوجة ، على أن يكون أساسي الاختيار هو الدين ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه .
2. النظر إلى المخطوبة فإنه أدعي للمودة .
3. اهتمام المرأة و أوليائها باختيار صاحب الخلق والدين .
4. اشتراط رضا المرأة وعدم إجبارها .
5. مشاورة الأمهات في اختيار الأزواج.
6. وجوب المعاشرة بالحسنى من كلا الطرفين .
فإن تمت هذه الخطوات وكان غير المتوقع ، ترتب على ذلك خطوات في العلاج :
1. الدعوة إلى الصبر فعسى أن يكون الخير في باطن الشر ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) [ النساء : 19].
2. إشعار الطرفين بمسئوليته تجاه الآخر ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) رواه البخاري.
3. الوعظ بالكلام اللين ، على أن يكون في الكلام تذكير بعاقبة الأمر والتخويف من وعيد الله ( فعظوهن) [ النساء : 34].
4. الهجر ، على أن يكون الهجر في المضجع أي في الفراش ( واهجروهن في المضاجع ) [ النساء: 34].
5. الضرب ، لكنه ضرب غير مبرح فلا يكسر عضوا ولا يترك أثرا ويتقي في ضربه الوجه ( واضربوهن ) [ النساء : 34].
6. التحكيم ، على أن يرسل كلا الزوجين حكما من طرفه ( فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) [ النساء : 35] .
مراحل الطلاق :
ومن المعلوم أن الطلاق السني يقع على مراحل وفي ظروف معينة ومن ذلك :
1. أن يكون الطلاق في طهر مسها فيه
02 أن يكون الطلاق بطلقة واحدة تعتد المرأة في بيت الزوجية ولا تفارقه .
3. فإن عاد الخلاف كانت الطلقة الثانية.
4.فإن استمر الوضع ولم يعد الزوج زوجته ، كان الطلاق بائناً بينونة صغرى .
5. فإن احتدم الأمر بعد الطلقتين ، كانت الطلقة الثالثة وبها يتم الانفصال ، إذ أنها بانت من زوجها بينونة كبرى ، فلا تحل له حتى تنكح زوجها غيره .
لماذا الطلاق بيد الرجل؟
عادة ما يطرح هذا السؤال على أن الأمر فيه إجحاف للمرأة ، لكننا بداية نقول إن هذا الأمر هو اختبار الله سبحانه وهو أدرى بحال عباده ( إلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) [ الملك : 14].
وإنما جعل الطلاق بيد الرجل لأمرين :
1. أن الرجل هو المنفق من بداية الزواج دفعا للمهر وتأسيسا للبيت وإنفاقاً على الأسرة .
2. أن الرجل مهيأ من حيث الخلقة على التريث والتعقل والأمور عنده في الغالب الأعظم إنما تكون بعد دراية وتريث ، فهو أقل انفعالا، وأضبط نفسا ، وأشد تحكما ، وابصر بعواقب الأمور ، قال تعالى (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )[ النساء : 34]
أو ليس للمرأة أن تفسخ العقد ؟
ولئن كان الإسلام قد جعل الطلاق بيد الرجل فإن المرأة لها ما يشبه ذلك في عدة أحوال:
1. الخلع: وهو افتداء المرأة من زوجها الكارهة له بمال ، وهذه صورة جعلت بيد المرأة أشبه ما يكون الطلاق بيد الرجل ، إذ لو وجدت المرأة أن حياتها مع الرجل هذا تجعلها لا تقيم حدود الله ، وكرهت الحياة معه على هذا الأساس ، فإن الإسلام يبيح لها أن تفدي نفسها منه بالمهر الذي قدمه لها . وفي قضية زيد بن ثابت قال الرسول صلى الله عليه وسلم لامرأة زيد ( أتردين عليه حديقته ، قالت : نعم ـ قال لزوجها : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ) البخاري.
2. إن اشترطت المرأة أن يكون الطلاق بيدها ورضي الرجل بذلك فالأمر لها .
3. الطلاق لعدم الإنفاق : فإن أمسك الرجل امرأته لم ينفق عليها جاز لها أن ترفع أمرها إلى القضاء فتطلق منه .
4. الطلاق بسبب الغيبة : هذا إن سافر الرجل ولم يعرف مكانه ، أو سافر وانقطع مدة طويلة ، على خلاف بين العلماء في هذه المدة فللمرأة أن ترفع أمرها إلى القاضي فتطلق من زوجها

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة