الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصادر الدعوة في أساليبها ووسائلها

مصادر الدعوة في أساليبها ووسائلها

مصادر الدعوة في أساليبها ووسائلها المصادر التي تستمد منها الدعوة أساليبها ووسائلها متعددة، ولكنها تعود إلى أصول يمكن جمعها فيما يلي :القرآن الكر يم ، السنة النبوية المطهرة ، سيرة السلف الصالح ، استنباط الفقهاء ، التجارب ، ونتكلم فيما يلي بشيء من الإيجاز عن كل مصدر .

أولاـ القرآن الكريم
ففي كتاب الله آيات كثيرة تتعلق بأخبار الرسل الكرام وما جرى لهم مع أقوامهم . وما خاطب الله تعالى به خاتمهم سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم من أمور الدعوة إليه . وهذه الآيات الكريمة يستفاد منها أصول الدعوة ووسائلها التي يجب أن يفقهها المسلم كما يتفقه أمور الدين الأخرى ، لأن الله جل جلاله ما قصها علينا وأخبرنا بها إلا لنستفيد منها ونتزود من معانيها ما يعيننا على الدعوة إلى الله تعالى ، ونلتزم بنهجها . قال ربنا تبارك وتعالى : (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود:120) .

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : ( كل أخبار نقصها عليك من أنباء الرسل المتقدمين من قبلك مع أممهم جرى لهم من المحاجات والخصومات وما احتمله الأنبياء من التكذيب والأذى وكيف نصر الله حزبه المؤمنين وخذل أعداءه الكافرين . كل هذا مما نثبت به فؤادك يا محمد أي قلبك ليكون لك ممن مضى من إخوانك المرسلين أسوة ) .
ولا شك أن المسلمين يقتدون برسولهم صلى الله عليه وسلم وفيما كان يتأسى به من سيرة المرسلين في أمور الدعوة إلى الله . قال تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111) .

ففي قصص السابقين من أمم الأرض وما جرى عليهم وما جرى لأنبيائهم معهم عبرة وموعظة لأصحاب العقول السليمة، وهداية ورحمة للمؤمنين بالله ورسوله؛ فهم الذين يعتبرون بما قصة الله عن الماضين ويتعظون به؛ لأن الإيمان قد فتح قلوبهم للحق وأرهف حسهم لمواضع العبرة ومعاني الموعظة . وقال تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ َ) (الأنعام:90) . فهذه الآية الكريمة تشير إلى لزوم الاقتداء بنهج رسل الله في الدعوة إليه .

ثانيا: السنة النبوية
السيرة النبوية وحياة الرسول صلىالله عليه وسلم هي الدعوة ، وفي السنة النبوية أحاديث كثيرة تتعلق بأسلوب دعوة الناس ووسائلها . كما أن السيرة النبوية المطهرة ، وما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة ، وكيفية معالجته للأحداث والظروف الني واجهته ، كل ذلك يعطينا مادة غزيرة جداً في هذا الجانب ، لأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مرّ بمختلف الظروف والأحوال التي يمكن أن يمر بها الداعي في كل زمان ومكان ، فما من حالة يكون فيها الداعي ، أو أحداث تواجهه ، إلا ويوجد نفسها أو مثلها أو شبهها أو قريب منها في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فيستفيد الداعي منها الحل الصحيح والموقف السليم الذي يجب أن يقفه ما فقه معاني السيرة النبوية ، وقد يكون من حكمة الله ولطفه أن جعل رسوله الكريم يمر بما مر به من ظروف وأحوال حتى يعرف الدعاة المسلمون كيف يتصرفون ، وكيف يسلكون في أمور الدعوة في مختلف الظروف والأحوال اقتداء بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فالسيرة النبوية والتوجيهات النبوية الكريمة تطبيقات عملية لما أمر الله به رسوله في أمور الدعوة وتبليغ الرسالة ، وما ألهم رسوله في هذا المجال ، فلا يجوز للداعي أن يغفل عن سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .

ثالثا: سيرة السلف الصالح
سيرة سلفنا الصالح من الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان هم نتاج دعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وهم الثمرة اليانعة لشجرة الدعوة المباركة ، وخلاصة جهد النبي صلىالله عليه وسلم ، ولا شك أن الصحابة رضوان الله عليهم عايشوا المصطفى عليه السلام وعلموامنه مقاصد الدعوة ووسائلها وكيفية تطبيق ذلك واقعيا فطبقوه على من بعدهم من التابعين ونقلوه إليهم فأخذ هؤلاء عنهم وتعلموا منهم ، وللفريقين ـ الصحابة والتابعون ـ سوابق مهمة في أمور الدعوة يستفيد منها الدعاة إلى الله ، لأن السلف الصالح كانوا أعلم من غيرهم بمراد الشارع وفقه الدعوة إلى الله ، وما زال أهل العلم يستدلون بسيرتهم ، وطريقتهم .

رابعا: استنباطات الفقهاء
الفقهاء يعنون باستنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها الشرعية ومن هذه الأحكام ما يتعلق بأمور إلى الله ، مثل أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد والحسبة ، وقد أفردوا لهذه الأحكام أبوابا خاصة في كتبهم الفقهية . وما قرروه من اجتهادات في أمور الدعوة ومجالها ، حكمة حكم اجتهاداتهم الأخرى ، التي يجب ابتاعها أو يندب لأن الوسائل والأساليب في الدعوة من أمور الدين مثل مسائل العبادات والمعاملات .

خامسا: التجارب
التجربة مُعلِّمٌ جيد للإنسان، لا سيما لمن يعمل مع الناس ، وللدعاة تجارب كثيرة في مجال الدعوة هي حصيلة عملهم المباشر مع الناس ومباشرتهم للوسائل فعلا في ضوء ما فهمه من المصادر السابقة ، لأن التطبيق قد يظهر له وجه خطئه فيتجنبه في المستقبل ، وقد يكون الثمن غاليا ولكن ما يتعلمه من التجارب أغلى من الثمن المدفوع إذا انتفع من التجارب حقا ، وهذا هو المأمول من المؤمن فإنه لا يلدغ من جحر مرتين . وكما أن الداعي يستفيد من تجاربه الخاصة ، يستفيد أيضا من تجارب الآخرين فإن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها من أي وعاء خرجت .
.....................................
أصول الدعوة: عبد الكريم زيدان(بتصرف)

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة