الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجهاد الإعلامي

الجهاد الإعلامي

الجهاد الإعلامي

لا شك أن الإسلام عندما شرع الجهاد لم يقصره على القتال (وإن كان هو المعنى السائد عند إطلاقه).. فالجهاد واسع المفهم يتضمن الدعوة للحق بكافة السبل ، حيث قال تعالى "وجاهدهم به جهادا كبيرا" أي بالقرآن والدعوة وهو لا يتضمن عملا حربيا بمعنى أن ليس كل قتال جهادا وليس كل جهاد قتالا.

وأصل مصطلح الجهاد يدل على ذلك فهو بمعنى " بذل الوسع والطاقة لنصرة الدين" وقد يكون بالنفس أو المال أو اللسان لكن لأنه غلب على الفقهاء استخدام اللفظ للدلالة على الأعمال الحربية لإقامة الدين ظن البعض انه قاصر عليه .

والجهاد في أصل تشريعه يهدف إلى مصلحة الأمة المسلمة من حماية لها وإقامة لدينها وهذا الأمر يتغير بحسب الزمان وظروف الناس.

لذلك عندما حض النبي صلى الله عله وسلم على الرمي بقوله "ألا إنما القوة الرمي" لم يقتصر عليه كأداة من أدوات القتال، بل لأن له أهمية وميزة قصوى في ذلك الزمن من حيث إصابة العدو أو إخافته ..

ولذلك جاءت الآية الكريمة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " لم تحصرها بنوع معين ففي زمن السيوف والنبال تكون القوة فيها ، وفي زمن الدبابات والطائرات والصواريخ تكون القوة فيها ، فهي متغيرة بحسب الظروف .

في هذا الإطار.. هل القوة قاصرة على الجانب العسكري فقط؟!

بالطبع لا (رغم أهميته) ، ففي العصر الحاضر قوة الاقتصاد تمثل أهمية كبيرة وقوة الإعلام تمثل أهمية قصوى فهي وسيلة للاختراق والوصول للشعوب والأمم بدون أدوات عسكرية ولا حرب .

إن دعوتنا لتبني مفهوم الجهاد الإعلامي ينبع من أن الإعلام أصبح أداة سيطرة ومكمن قوة للأمم ووسيلة للاختراق الثقافي والاجتماعي، وبالتالي فإن تسخيره كأداة إنقاذ ووسيلة دعوية لهو من الأهمية بمكان.

ولذلك فإن أقوى دولة في العالم عسكريا (أمريكا) تملك أقوى إعلام في العالم، وهذا الأمر نتج عنه سيطرة على تدفق الأخبار والمعلومات ووسيلة لبث الإشاعة وتوجيه الرأي العام فضلا عن كونه أداة لنشر الثقافة الغربية والقيم النصرانية.

إن معركة اليوم معركة إعلامية، وأدواتها الكلمة والصورة والصوت المنقول بكافة الأشكال والصيغ؛ لذا هل يعقل أن نغفل عن الجهاد الإعلامي؟!

من يمتلك اليوم قوة في الإعلام فهو يستطيع أن يوجه الرأي العام وبالتالي يؤثر في الأمم والشعوب وبطريقة أسهل وأيسر من أساليب القوة العسكرية التي عادة ما تكون نتائجه مكلفة وقد تكون سلبية.

وأعجبتني فتوى للأزهر العام الماضي حول جواز استخدام الهكرز لتدمير المواقع الإسرائيلية والأمريكية التي تسيء للإسلام والمسلمين فضلا عن الرد عليها ، وبينت أنها نوع من أنواع الجهاد المعاصر (الإعلامي) وأشارت الفتوى إلى مصطلح الجهاد في الإسلام فالمجاهد هو من بذل طاقته في رد المعتدين وفي تأديب البغاة والظالمين من أعداء الدين.

هذا الجهاد (الإعلامي ) يتطلب تملك أدواته ومعرفة خصائصه والتمكن من وسائله لتسخيره في نصرة الدين وتوجيهه لخدمة المسلمين.. فهلا نفزع للجهاد الإعلامي؟!
ــــــــــــــــــــ
مالك الأحمد

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة