الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشيخ محمد أبو شهبة.. فارس من فرسان السنة

الشيخ محمد أبو شهبة.. فارس من فرسان السنة

الشيخ محمد أبو شهبة.. فارس من فرسان السنة

في زماننا علماء كرماء، وأساتذة فضلاء، ودعاة فصحاء بلغاء، عملوا في صمت، ولم يسعوا للشهرة ولم يطلبوها ولم يعملوا لها.. ولأنهم لم ينتسبوا لجهة أو جماعة غفل الناس عنهم ولم يجدوا من يلمعهم ويقدمهم للناس؛ فغابت عنا تراجمهم، وتوارى منا كثير من مواقفهم، وخفي علينا كثير من تراثهم وعلمهم، ولم يأخذوا حظهم من التعريف والتقديم لمحبي الدين والعاملين في خدمته. ولكن حكمة الله تأبى إلا أن يفوح شذاهم وينتشر عبيرهم ويستنشق الناس روح نسيمهم مع ما نشروه من علمهم وقدموه لدينهم..

والشيخ الفاضل والعلامة العامل أستاذ السنة وناشرها الأستاذ "محمد محمد أبو شهبة" واحد من هؤلاء الكرام الذين خدموا كتاب الله تبارك وتعالى، وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال مؤلفاته وكتاباته، ومن خلال شروحه ودروسه التي قدمها في الإذاعة مثل قراءة في صحيح البخاري، وكذا من خلال تدريسه لطلبته الذين تعلموا منه ودرسوا على يديه.. فرحمه الله رحمة واسعة.

وهذه ترجمة للشيخ موجزة وجدتها في أحد كتبه "في رحاب السنة: الصحاح الستة".. نقدمها (بتصرف يسير) لمحبي الشيخ خصوصا ومحبي السنة عموما، مع الاعتذار عن القصور لقلة المكتوب عن الشيخ رحمه الله وتغمده بواسع رحمته.

1- ولد الشيخ محمد محمد أبي شهبة في 15/9/1914 ، في قرية"منية جناج" مركز دسوق. في أسرة "أبو شهبة" وهي أسرة من الأسر العربية العريقة، التي اشتهرت بالفروسية، وحب الجهاد في سبيل الله كما ينبئ عن ذلك لقبها، وتركزت أصولها في عدة قرى من محافظة البحيرة، ثم نزح بعض فروعها قديما إلى بعض قرى محافظة كفر الشيخ، ومحافظة الغربية.

2- وقد نذره والده من يوم ولادته للقرآن الكريم، وحضور العلم بالأزهر الشريف، فما أن بلغ الرابعة حتى ذُهب به إلى كتاب القرية وقد ربى هذا الكتاب أجيالا بالقرية منهم جيل والده رحمه الله.

3- أتم حفظ نصف القرآن في الكتاب في سن التاسعة، إلى جانب تعلمه القراءة والكتابة، وأصول الدين والسيرة ثم فتحت المدارس الأولية فدخل مدرسة بلده فأتم حفظ القرآن بها وأخذ الشهادة الأولية في سن الثانية عشرة تقريبا.

4- وفي عام 1925 دخل معهد دسوق العلمي الديني، فأخذ الشهادة الابتدائية منه، وفي عام 1930 دخل معهد طنطا الثانوي وأخذ منه الشهادة الثانوية وفي عام1935 دخل كلية أصول الدين إحدى كليات الأزهر المعمور.

5- وفي عام 1939 أخذ الشهادة العالية وكان من الأوائل فدخل قسم الدراسات العليا شعبة التفسير والحديث، وبعد دراسة خمس سنوات دراسة لا تعرف الكلل، ولا الملل نجح في الامتحان التمهيدي لشهادة العالمية من درجة أستاذ سنة 1944 أمام لجنة من كبار العلماء ثم اشتغل بتأليف رسالة" الدكتوراة".

6- وفي نوفمبر عام 1946 نوقش في رسالة العالمية من درجة أستاذ " الدكتوراة" مناقشة علنية أمام لجنة خماسية من كبار العلماء فحصل عليها بدرجة الامتياز.

7- وفي ديسمبر من هذه السنة عين مدرسا بكلية أصول الدين، وما زال يترقى من مدرس إلى أستاذ مساعد، إلى أستاذ حتى وصل إلى مرتبة العمادة.

8- وفي أكتوبر 1969 عين أول عميد لكلية أصول الدين، أول كلية في أول فرع أنشئ لجامعة الأزهر بأسيوط، وما زال يسير بالكلية قدما حتى اكتملت سنواتها الأربع عام 1972 ـ 1973 وما زال يسعى حتى أنشئت بفرع الجامعة كليتان أخريان، كلية اللغة العربية وكلية الشريعة الإسلامية والقانون.

9- في مطلع حياته العلمية أعير إلى المملكة العربية السعودية للتدريس بالمعهد العالي السعودي بمكة المكرمة، وللمشاركة في إصلاح التعليم الديني ووضع مناهجه وقد قضى أربع سنوات بجوار بيت الله الحرام .

10-وفي سنة 1963 أعير إلى كلية الشريعة بجامعة بغداد فمكث فيها عاما، واظب فيه على درس الجمعة في مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان.

11-وفي عام 1966 أعير إلى الجامعة الإسلامية بأم درمان بالسودان فمكث فيها نحو ثلاث سنوات.

12- كتب الشيخ في كبرى المجلات العلمية والدينية والأدبية في مصر وفي غيرها من بلاد الإسلام والعروبة، منذ ربع قرن أو يزيد، وألقى محاضرات وحضر الكثير من الندوات في مصر، وفي غير مصر.

13- قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة, فأذاع في الإذاعة المرئية والمسموعة في مصر, وفي المملكة العربية السعودية, وفي العراق وفي السودان.

14-عنى بالتأليف في القرآن وعلومه، والسنة النبوية المشرفة وعلومها والفقه والتشريع والسيرة والدفاع عنها ضد المبشرين، والمستشرقين وأتباعهم، وألف في ذلك كتبا كثيرة.

15-كوّن مدرسة علمية من تلاميذه ومريديه في مصر وغيرها من البلاد الإسلامية والعربية تعتز بالقرآن وعلومه، والسنن وعلومها، والتأليف فيهما وإجلاء محاسنهما وما أكثرها، وتقديم هذه العلوم والمعارف في لغة سهلة مستساغة، وفي عرض حسن جذاب.

وفاته:
ظل الدكتور أبو شهبة في ساحة الدعوة الإسلامية عاملاً مناضلاً, يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, ويقوم بحق العلم قولاً وعملاً حتى انتقل إلى جوار ربه في أيام مباركة – أيام عيد الفطر, بعد فريضة الصيام في صباح يوم الجمعة الموافق 5 شوال 1403هـ - 15/7/1983م عن عمر يناهز واحدا وسبعين عاما قضاها عالماً عاملاً وداعية مجاهداً.

وشُيعت جنازته من الجامع الأزهر الشريف, فصلى عليه جمع غفير من علماء الأزهر وطلابه, يؤمهم الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله ورضي عنه, ودفن بمدافن الأسرة بمدينة نصر.

وكان لنبأ وفاة الشيخ وقع أليم في نفوس كل من نهل من علمه وأدبه ليس في مصر بلد الأزهر فحسب, بل في المملكة العربية السعودية والعراق والسودان والشام, وبكاه المسلمون الذين استمعوا لأحاديثه الإذاعية في مصر والسعودية وغيرهما ومحاضراته وندواته في العراق والسودان, رحمه الله جزاء ما قدم من علم نافع لدينه وأمته.

من مؤلفات الشيخ:
المؤلفات المطبوعة:
1- المدخل لدراسة القرآن الكريم.
2- أعلام المحدثين.
3- السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة " جزآن".
4- في أصول الحديث.
5- علوم الحديث.
6- دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين.
7- شرح المختار من صحيح مسلم بن الحجاج.
8- رسالة في الإسراء والمعراج.
9- في رحاب السنة: الصحاح الستة.
10-الربا في نظر الإسلام وحلول للمشكلة.

ومن التراث المخطوط:
كتاب توفيق الباري في شرح صحيح الباري:وهو كتاب يقع في نحو خمسة عشر مجلداً.

كتب تناولت سيرته:
وهناك كتب تناولت حياة الشيخ وسيرته ومسيرته في خدمة الإسلام لكنها لم تر النور بعد:ـ
1 ـ الدكتور محمد أبو شهبة وجهوده في السنة النبوية؛ رسالة ماجستير, للباحث محمود رحمة, مودعة بكلية أصول الدين بالقاهرة. "لم تطبع".
2 ـ الدكتور محمد أبو شهبة – حياته وآثاره, بقلم الشيخ أحمد مصطفى فضلية. "تحت الطبع".

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة