الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشبكة تفتح ملف الحركات الإسلامية في فلسطين 1/3

الشبكة تفتح ملف الحركات الإسلامية في فلسطين 1/3


على مدار عقود طويلة عملت الحركة الإسلامية على ترسيخ أقدامها وإثبات وجودها بعد انهيار الخلافة العثمانية في أوائل القرن الماضي · وبدأت الحركة الإسلامية بالنشاط مع تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، والتي امتدت لتوسع نطاق نفوذها في الدول العربية المحيطة ·
ولما كان قطاع غزة تابعا للإدارة المصرية العسكرية في تلك الفترة ، فقد تأثر
تحديدا قبل غيره بنشاط هذه الحركة ، وبدأت تستقطب الشباب إلى صفوفها قبل أن تمتد جذورها إلى الأراضي المحتلة عام 1948 ، والضفة الغربية ·
وجاءت الحركات الإسلامية الفلسطينية امتدادا طبيعيا لتنظيم الإخوان المسلمين ،
حيث أفرز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، التي تزعمها الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة التي أعلنت عن نفسها في 14/12/1987 بعد أربعة أيام من اندلاع الانتفاضة الأولى ·
وقد عملت هاتان الحركتان جاهدتين على ضرب الأهداف الإسرائيلية سعيا منهما إلى طرد الاحتلال الإسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وبرز نشاطهما في الانتفاضة الأولى ، وعلى وجه الخصوص حركة حماس التي تمتعت بقاعدة جماهيرية عريضة ، وجمعت حولها الآلاف من الشباب الذين آمنوا بفكرها ، وظلت قاعدتها في اتساع حتى قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية.

وفي ظل وجود السلطة تبنت حماس خطًا فكريًّا في اتجاهين الأول ضرب الأهداف الإسرائيلية ، سواء داخل حدود 1967 الخاضعة لسلطة الحكم الذاتي ، أم الأراضي المحتلة عام 1948 · والثاني الحفاظ على حرمة الدم الفلسطيني ·
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة بدأت حماس في إعادة ترتيب أوراقها على نفس الأسس والقواعد الفكرية التي انطلقت بها والأهداف التي سعت لأجلها ، واستطاعت خلال فترة وجيزة إعادة بنيتها ، وخاصة العسكرية ، بشكل أقوى مما كانت عليه في السابق ، وقد ساعدها في ذلك ما اعتبرته فشل مشروع أوسلو بعد عشر سنوات من المفاوضات والتفاف الجماهير الفلسطينية حول خيار المقاومة ، بما فيها التنظيمات الفلسطينية على اختلاف أيديولوجياتها وأطيافها السياسية ، ما أوجد وحدة وطنية فلسطينية غير مسبوقة في تاريخ الثورة الفلسطينية ·
واستفادت حماس من التأييد الجماهيري لعملياتها العسكرية ، وخاصة الاستشهادية التي حصدت أرواح الكثيرين من الإسرائيليين ، وأصبح لدى حماس قدرة هائلة على النيل من الاحتلال الإسرائيلي رغم ضعف الإمكانات العسكرية والمادية ، معتمدة بذلك على العمليات الاستشهادية محدثة ما أصبح يعرف بـ (توازن الرعب)·
هذا النوع من العمل لم يرق بطبيعة الحال للكيان الصهيوني ، والإدارة الأمريكية ، إذ بذلت قوات الاحتلال قصارى جهودها ، واستخدمت أقصى قوتها العسكرية مستخدمة طائرات اف 16 والأباتشي و الدبابات ، دون أن تتمكن من كسر شوكة الانتفاضة أو ثني حماس و الجهاد الإسلامي ، ولم يعد هذا النوع من العمليات حكرا على حماس أوالجهاد الإسلامي ، فقد تعداهما إلى كتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة فتح والجبهة الشعبية ·
وفي أعقاب تفجيرات 11 أيلول التي دمرت برجي التجارة في نيويورك وما تلاها من حملة شديدة ضد كل ما هو إسلامي تحت مسمى (مكافحة الإرهاب) دون تحديد معنى واضح للإرهاب ، بحيث أصبح كل من ليس مع أمريكا إرهابيا ، وهذا يعني أن من كان ضد إسرائيل فهو ضد أمريكا ، ولذلك من كان ضد إسرائيل أصبح إرهابيا وإن كان يمارس حقه المشروع في الدفاع عن نفسه ·
ونتيجة لهذه المعادلة أصبح مستقبل الحركات الإسلامية الفلسطينية محل استفهام وتساؤل ·· هل بإمكان إسرائيل والولايات المتحدة تدمير هذه الحركات ، أو أن الحركات الاسلامية تستطيع أن تتكيف مع المتغيرات ، وأن تحافظ على وجودها ··· خاصة في ظل الجدل الفلسطيني حول جدوى العمليات الاستشهادية التي تصر الحركات الإسلامية على أنها السلاح الوحيد الذي تملكه في وجه الطائرات والدبابات ، استنادا لمبدأ العقاب بالمثل .

جذور الحركة الإسلامية الفلسطينية
تعود الجذور الأولى للصحوة الإسلامية في فلسطين إلى تأسيس حركة الإخوان المسلمين في مصر على يد الشيخ حسن البنا عام 1924، وقد امتدت هذه الصحوة إلى قطاع غزة بحكم خضوع القطاع للإدارة المصرية قبل عام 1967·
وقد تأثرت حركة الإخوان في قطاع غزة بما كان يجري للحركة الأم في مصر فكانت إذا تعرضت الحركة الأم في مصر إلى ضغط أو قرارات تصدر بشأنها فإنها كانت تطاول فرع الحركة الموجودة في قطاع غزة وذلك لأن القطاع كان تحت الإدارة المصرية العسكرية ·
وفي العام 1954أصدرت الحكومة المصرية قرارا بحظر نشاط حركة الإخوان، وشمل القرار حظر نشاط الإخوان في قطاع غزة وأقفلت شعب الإخوان التي بلغ عددها إحدى عشرة شعبة ، وكانت تمثل أكبر حركة سياسية في القطاع ؛ إذ كانت حركة من أكبر التنظيمات من الناحية العددية وأكثرها جماهيرية وبلغ عدد المنتسبين إليها في هذه المرحلة أكثر من ألف شخص · هذا القرار دفع جماعة الإخوان إلى العمل السري حيث كانت تعقد لقاءاتها بعيدا عن أعين الناس وأعين أجهزة مخابرات الحكم العسكري المصري في القطاع ·
ولا نستطيع القول إن الصحوة الإسلامية بدأت في عام معين ، و لكن نستطيع القول إن نشاطها ازداد في السبعينيات لأسباب مختلفة ، ولكن أرجع بعض المحللين إلى أن ما يسمى بالصحوة الإسلامية نهضت وفاقت من سباتها بسبب خيبة القومية العربية ، وأرجعها البعض الآخر إلى نكسة عام 1967 التي نبهت المسلمين إلى الخطر المحدق بهم.
وبعد نكسة عام 1967 نظم الإخوان المسلمون في قطاع غزة المظاهرات الحاشدة ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1968 ، وخرجت المظاهرات من مساجد القطاع وبدأت الصحوة الإسلامية منتصف السبعينيات عن طريق الجامعات الفلسطينية، مثل جامعة الخليل والجامعة الإسلامية بغزة وجامعة النجاح الوطنية في نابلس وغيرها، وتشكلت الكتل الإسلامية في هذه الجامعات ، وكان من أهم أهدافها إنقاذ الشباب من الانحراف الأخلاقي والسياسي الذي يخطط له الاحتلال الإسرائيلي·
وعلق ضابط إسرائيلي مسؤول على الصحوة الإسلامية قائلا : "إن هتاف (الله أكبر) بدأ ينافس هتافات منظمة التحرير الفلسطينية التي هتف بها الفلسطينيون ، وأضاف الضابط الإسرائيلي ، أنه عندما كان يدخل البيوت مع جنوده في الضفة الغربية وقطاع غزة كان يشاهد صورا لياسر عرفات أو آيات قرآنية معلقة على الجدران ، وتساءل الضابط : ماذا سيحصل إذا انتهى عرفات ؟ ، وأجاب قائلا : لا أعتقد أن آخر سيخلفه ، ولكن خوفي أن يحل محله (المسلمون المتشددون) وهؤلاء لن يأتوا لمؤتمر السلام في جنيف ·
وفي الثمانينيات كانت الحركة الإسلامية قد كثر نشاطها ، ونستطيع أن نلمس ذلك ؛ فقد برزت بوضوح على الساحة الفلسطينية التكتلات الطلابية الإسلامية في
الجامعات والمعاهد في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وقامت الكتل الإسلامية بتنظيم المظاهرات والتصدي للمستوطنين والجنود ، فمثلا عندما قررت جماعة غوش أمونيم الاستيطان في قلب مدينة نابلس قام شباب الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية بتاريخ 15/5/1986 بالتصدي لها فاشتبكوا مع قوات الجيش ورحل المستوطنون·
كانت المظاهرات والمواجهات العنيفة التي انطلقت من غزة سنة 1982 من تخطيط وتنظيم الإخوان المسلمين ، وقد أطلقت عليها وسائل الإعلام (ثورة المساجد) · وتفاصيل هذه الثورة أنه في أعقاب مجزرة المسجد الأقصى تدخل الجيش الإسرائيلي في أول يوم بعد المجزرة سنة 1982 وحاصر الأقصى المبارك ومنعوا دخول من هو دون سن الأربعين ومنعوا المصلين من خارج القدس من الدخول للصلاة في الأقصى المبارك ولكن المصلين من خارج القدس من الضفة الغربية وغزة والمثلث والجليل كانوا قد باتوا في القدس قبل ذلك بليلة واحدة تعبيرا عن استنكارهم للمجزرة واستعدادهم للفداء ، ورغم الأعداد الضخمة من جنود الاحتلال فقد خرجت مظاهرة ضخمة تهتف(الله أكبر) ولم يستطع العدو الصهيوني السيطرة عليها بل وقف مشدوها · كما حاصرت قوات الاحتلال مدينة الخليل لمنع المصلين من الوصول إلى الحرم الإبراهيمي ، وحوصرت المساجد في نابلس تحسبا من اندلاع المظاهرات بعد صلاة الجمعة ·
وفي غزة وزع الإخوان المسلمون منشورا يدعو المسلمين إلى الرجوع إلى شريعة الله والتمسك بالإسلام لتحرير الأقصى من ذل اليهود ، وقامت السلطات الإسرائيلية بمحاصرة عدد من مساجد القطاع أهمها مسجد فلسطين في حي الرمال ، والمسجد العمري ، ومسجد الإصلاح في الشجاعية ، والمسجد الواقع في حي الأمل بخانيونس ، والمسجد الواقع في معسكر الشاطئ ، ورغم هذا الحصار فقد انطلقت المظاهرات بعد الصلاة تهتف (الله أكبر) ، وقام الصهاينة بتفريق المظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع وضرب المتظاهرين بالعصي وجرح عدد كبير من المصلين.
وفي غزة قام شباب الكتلة الإسلامية بمظاهرات ضخمة في 11/10/1987 فوضعوا المتاريس في الشوارع وقذفوا السيارات العسكرية بالحجارة وتمركزوا داخل أسوار الجامعة الإسلامية في غزة فسقط ثمانية جرحى ، وكانت هذه المظاهرات قد جرت على خلفية صدامات جرت بين مجموعة من المسلمين وقوات الجيش في حي الشجاعية بغزة بتاريخ 7/10/1987 استشهد فيها أربعة من شباب الحركة الإسلامية ·
كما قامت الحركات الإسلامية بعدة مظاهرات ودعت إلى إضراب شامل في أوقات مختلفة · وفي نيسان عام 1982 كانت هناك ثورة المساجد على خلفية قيام جندي يهودي باقتحام المسجد الأقصى المبارك وإطلاقه الرصاص العشوائي على المصلين المسلمين · وتفجرت الأعمال الاحتجاجية والمظاهرات التي نظمها مجلس الطلبة في الجامعة الإسلامية في غزة في تشرين أول عام 1987 وتزعمها الإخوان المسلمون ، وجرح عدد من المتظاهرين ، وكتبت مجلة البيادر السياسي عن ذلك تحت عنوان "الجامعة الإسلامية معقل الانتفاضة".
كما ذكرت المجلة نفسها في عدد آخر لها عن حوادث الجامعة قائلة : "كان المتدينون قد فازوا في انتخابات مجلس الطلبة التي جرت في تشرين ثاني 1986 بـ
65% من الأصوات وتزعم المجلس الأعمال الاحتجاجية التي شهدتها الجامعة بعد مقتل أربعة أشخاص في حي الشجاعية خلال اشتباك وقع مع الجيش الإسرائيلي مما أدى إلى إصابة عشرات الأشخاص بجراح" ·
وبالفعل كانت انتفاضة شاملة وعنيفة فجرها الإسلاميون في 7/10/1987 على خلفية استشهاد أربعة من الشباب المسلم في حي الشجاعية في قطاع غزة في 6/10/1987 ، فقد قام شباب الأخوان المسلمين في القطاع بإشعال مظاهرات ومواجهات عنيفة ·
وذكر الدكتور عبد الله عزام في كتابه "الجذور التاريخية والميثاق" فصلا بعنوان "موقف الاستعمار الصهيوني من الصحوة الإسلامية" وهو من مقال للشيخ يوسف القرضاوي الذي نشر في مجلة البعث الإسلامي عدد 9 مجلد 23 فقال فيه : "إن الصحف الإسرائيلية كتبت كثيرا عن الصحوة الإسلامية وامتلأت الصحف بتصريحات زعماء إسرائيل عن خطورة الإسلام والصحوة الإسلامية · فقد ذكر كاتب يهودي في صحيفة هآرتس الإسرائيلية في 12/2/1979 قائلا : (إن الذي يثير قلقنا هو أن مواقف العرب داخل إسرائيل بدأت تتحول من مواقف مبنية على قاعدة قومية إلى مواقف تستند إلى قواعد دينية) وأضاف (إن خطرا حقيقيا بدأ يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط وقسما كبيرا من أفريقيا ، وهذا الخطر هو خطر انتشار ثورة إسلامية شاملة يقوم بها متدينون متطرفون) ·
وذكر المؤرخ اليهودي المشهور المتخصص في تاريخ فلسطين الحديث "أن المساجد هي دائما منبع دعوة الجماهير العربية إلى التمرد على الوجود اليهودي" ·
أما البروفسور اليهودي (الباريش) فقال : "إن قوة الإسلام سياسية واجتماعية قادرة على توحيد الجماهير وخاصة في الضفة الغربية حيث يقوم علماء الدين
المسلمين بمهمة توحيد الصفوف ضد اليهود" ·
وذكرت جريدة القبس الكويتية بتاريخ 20/6/86 نقلا عن جريدة أجنبية : "أن صحوة الإسلام الجديدة تزعج إسرائيل كثيرا ، فإسرائيل تعرف تماما أنه إذا فشلت
محادثات السلام مع مصر فإنها ستكون هدفا لحرب الجهاد المقدس التي ستشنها الصحوة الإسلامية المتزايدة ، ثم قالت : "إنه حتى في الجامعات العبرية في
إسرائيل بدأ الطلاب العرب المسلمون يطلقون لحاهم ويؤدون العبادات ، في حين بدأت الفتيات المسلمات في ارتداء الزي الإسلامي الشرعي" ·
وفي فترة السبعينيات والثمانينيات تشكلت جمعيات وتنظيمات عسكرية سرية ، فقد أسس الإخوان المسلمون تنظيما عسكريا مسلحا عام 1979 في فلسطين المحتلة عام 1948وقد نفذ هذا التنظيم عشرات العمليات العسكرية ودمر العديد من المنشآت الاقتصادية اليهودية في فلسطين ، وتم اكتشاف هذا التنظيم عام 1980 واعتقلت
سلطات الاحتلال الاسرائيلية أكثر من 60 شابا من أفراد هذا التنظيم وصلت إلى خمسة عشر سنة · وقد صرح مستشار بيغن للشؤون العربية غور أريه أنه "لو لم تكتشف أمر هذه الحركة في الوقت المناسب لتعرض أمن إسرائيل ومستقبلها إلى خطر عظيم".
وأسس الإخوان المسلمون في قطاع غزة تنظيما عسكريا جديدا عام 1983 واكتشفت سلطات الاحتلال هذا التنظيم والذي يتزعمه الشيخ أحمد ياسين أمين عام المجمع الإسلامي في القطاع ، وحكمت المحكمة الإسرائيلية على الشيخ أحمد ياسين بالسجن لمدة 13 عاما ، ومن إحدى التهم التي وجهتها المحكمة للشيخ أحمد ياسين محاولة تدمير إسرائيل وإقامة دولة إسلامية مكانها، وقد تم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين عام 1985 في صفقة تبادل الأسرى التي تمت مع الجبهة الشعبية - القيادة العامة بزعامة أحم

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

فلسطين الهوية

لماذا الهجمة المركزة على الأونروا؟

يظنُّ البعض أنّ الادعاءات الإسرائيلية بضلوع 12 من موظفي الأونروا (من أصل 13000 موظف يعملون لديها في قطاع غزة وحدَه)...المزيد