الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاديث فضائل الأعمال

أحاديث فضائل الأعمال

أحاديث فضائل الأعمال

حين تشتاق النفوس إلى الله والدار الآخرة تطلب معالي الأمور، وتنشغل بأقرب الأعمال وأفضلها، وتبحث عن أقرب الطرق إلى الله، يتجلى ذلك في منافسة الصحابة وهم يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله فمرة يقول لهم الصلاة، ومرة يقول لهم الصوم، ومرة يفضل لهم الجهاد فربما وجد الناظر في تلك الأجوبة تعارضا في ظاهرها إذ أن السؤال واحد والجواب مختلف؟

ففي صحيح مسلم عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال « أفضل الأعمال - أو العمل - الصلاة لوقتها وبر الوالدين ».

وروى مسلم أيضا عن أبى قتادة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قام فيهم فذكر لهم « أن الجهاد فى سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال ».

وفي السنن عن أبى ذر -رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « أفضل الأعمال الحب فى الله والبغض فى الله ».

وفي صحيح ابن حبان عن معاذ بن جبل ، قال : سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: « أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله ».

وفي مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « عملان هما أفضل الأعمال إلا من عمل بمثلهما: حجة مبرورة أو عمرة ».

وفي سنن النسائي -بإسناد صحيح- عن أبي أمامة قال : أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت مرني بأمر آخذه عنك قال: « عليك بالصوم فإنه لا مثل له».

وفي البخاري عن أبي هريرة ، -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد قال: « لا أجده، هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر»؟ قال: ومن يستطيع ذلك، قال أبو هريرة: « إن فرس المجاهد ليستن في طِوَله - أي: يعدو في حبله الذي قد شد به ولا راكب عليه- فيكتب له حسنات»

فهذه الأحاديث التي سبقت يدل كل واحد منها على تفضيل عمل من الأعمال على البقية الأخرى، وأحيانا يكون هذا التفضيل وارداً بصيغة الإطلاق أو العموم، فالحديث الأول جاء فيه تفضيل الصلاة وبر الوالدين، والحديث الثاني دل على أفضلية الجهاد في سبيل الله مع الإيمان بالله، والحديث الثالث يفضل الحب والبغض في الله، وهكذا الحديث الرابع يدل على أفضلية إدامة الذكر على ما سواه من الأعمال، ودل الحديث الخامس على تفضيل الحج المبرور والعمرة، وفي الحديث السادس تفضيل للصيام على ما سواه وأنه عمل لا يماثله أي عمل آخر على سبيل العموم، بينما الحديث الأخير دل على أن الجهاد في سبيل الله عمل لا يقوم مقامه قيام الليل ولا صيام النهار إلا على جهة الدوام وهذا غير مستطاع لأحد فيستلزم تفضيل الجهاد على غيره من الصيام والقيام وغيرهما

فكيف يمكن توجيه هذه الإطلاقات التي اشتملت عليها هذه الجملة من الأحاديث النبوية الصحيحة؟

ومحصل الجواب عن هذا الاختلاف بحمل هذا التفضيل على أمور:

أحدها: أن تكون "أفضل" ليست على بابها أي: أن لا يراد بها التفضيل المطلق وإنما على تقدير "من" فيكون المعنى أنها من أفضل الأعمال.

ثانيها: أن ذلك محمول على اختلاف أحوال السائلين ومعرفة النبي –صلى الله عليه وسلم- بما يحتاجون إليه من العمل.

ثالثها: أن الأجوبة اختلفت باختلاف الأوقات والأزمان، ففي بعض الأزمان يفضل فيها عمل دون عمل، فقد يكون الجهاد في أوانه أفضل من الصوم، ويكون الذكر في زمن فاضلا وفي آخر مفضول وهكذا.

قال ابن حجر: وإنما اختلف الجواب لاختلاف أحوال السائلين بان أعلمَ كلَّ قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بان يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن أدائها وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل، أو أن أفضل ليست على بابها بل المراد بها الفضل المطلق أو المراد من أفضل الأعمال فحذفت من وهي مرادة.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة