الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احترام الآخرين

احترام الآخرين

احترام الآخرين

لا يخفى على أحد ما تحقق للناس من تمدن وتحضر واستقرار وتعليم ورفاهية، مما يستوجب الحمد لله والثناء عليه.
لكن من المهم ألا ننسى أن لدينا شواهد كثيرة على أن (التوحش) وما يصحبه من ظلم وبغي وجفاء، أشبه بالفيروس الكامن كي نحمي مجتمعاتنا من الانحطاط والعدوان.

إن الله - تعالى - وجهنا إلى شيء عظيم، يرسخ فضيلة الاحترام حيث قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}. أي كلموهم بالكلام الطيب، وألينوا لهم جانباً، ولاطفوهم، وناصحوهم بما يصلح شأنهم.

كلما درج الناس في سلم الحضارة توقعوا من بعضهم احتراماً أكبر ولطفاً أعظم، ولهذا فإن علينا جميعاً أن نكون دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا؛ حتى لا يؤذي بعضنا بعضاً من غير قصد.

القاعدة الذهبية في هذا هي أن نخاطب الناس بالأسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به، ولو أننا عملنا بهذه القاعدة لتخلصنا من كثير من مشكلاتنا الاجتماعية، وما أجمل قوله صلى الله عليه وسلم: [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه].

الناس بفطرتهم يحتاجون حاجة ماسة إلى من يعترف بهم، ويقدرهم، ويثني عليهم، ويحفزهم ويهتم بهم، وقد قال أحدهم: (من الأساطير المتداولة: مكتوب على جبين كل إنسان: "أرجوك أعرني اهتمامك، ولا تمر بي غير آبه").

إلقاء السلام على من نلقاه في طريقنا، والتبسم في وجهه، وسؤاله عن حاله، والاعتذار إليه عند الخطأ، والمسارعة إلى مساعدته في ساعة ضيق أو كرب، والثناء على أعماله الحسنة... كل ذلك من الأمور التي تعبر عن الاحترام والاهتمام.

احذروا ـ يا بناتي وأبنائي ـ من التكبر على الآخرين وإهمالهم والاستخفاف بهم، وقد أحسن من قال: إن المتكبر مثل الصاعد في الجبل، يرى الناس صغاراً، ويرونه صغيراً!
مثــل المعجـب فـي إعجـــابه .. مثل الواقف في رأس الجبل
يبصر الناس صغارا وهو في .. أعين الناس صغيرا لم يزل

كأني بالمتكبر ينشر معادلة الاحتقار المتبادل، على حين أن تعاليم ديننا توجهنا إلى أن ندعم قاعدة الاحترام المتبادل وقاعدة الاهتمام المشترك.

نحن جمعياً في حاجة إلى أن ننمي في نفوسنا مشاعر (الاستحياء من الذات)؛ لأننا حينئذ سنقوم باحترام الناس وتقديرهم؛ وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، ومن لهم أيادٍ بيضاء في خدمة الناس والإحسان إليهم، وفي خدمة البلاد ورفعة شأنها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: [ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره].
وقال: [إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط].

ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟
إنها يعني الآتي:
1 ـ من أراد منكم أن يكون محترماً جداً، فليعامل الناس على أساس قيم واحدة؛ لأن الشخص المهذب اللطيف الكريم، لا يستطيع أن يتلون في سلوكه، ولا أن يلقى الناس بوجوه متعددة، إنه يكرم الجميع، ويصبر على الجميع، ويحاول فهم الجميع، ويعمل على مساعدة الجميع، ولهذا فإنه محترم ومقدر من قبل الجميع.

2 ـ احترام الناس يعني فيما يعنيه احترام اجتهاداتهم واختياراتهم وأذواقهم، ما دام ذلك في إطار المباح والمشروع.

3 ـ حاولوا دائماً اختيار الكلمات والجمل المعبرة عن أصالتكم وترفعكم عن الدنايا، واهجروا الألفاظ السوقية التي يستخدمها الأشخاص غير المحترمين.

4 ـ اعملوا دائماً على ألا تكونوا مصدر إزعاج لأحد، وألا تفاجئوا أحداً بمكروه، وتعلموا التأنق في التصرف، وطالعوا شيئاً من الكتب المؤلفة في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب: "50 شمعة لإضاءة دروبكم"

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة