الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لفظ (الحسنى) في القرآن الكريم

لفظ (الحسنى) في القرآن الكريم

لفظ (الحسنى) في القرآن الكريم

لفظ {الحسنى} على وزن (فعلى) مأخوذ من مادة (الحسن) الذي هو ضد القبح، والمحاسن من الإنسان وغيره ضد المساوئ.

ولفظ {الحسنى} ورد في القرآن الكريم في سبعة عشر موضعاً، وجاء في مواضعه تلك بمعان مختلفة، نقف عليها تالياً:

* (الحسنى) بمعنى الجنة، جاء على هذا المعنى قوله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى} (يونس:26) أي: الجنة، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء وفاقاً. ومن هذا القبيل قوله سبحانه: {للذين استجابوا لربهم الحسنى} (الرعد:18) وقوله عز من قائل: {وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى} (الكهف:88) أي: أن لهم الجنة جزاء على إيمانهم وعملهم الصالح. ومنه أيضاً قوله عز وجل: {ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى} (النجم:31) أي: ليجزي الذين أطاعوه فأحسنوا بطاعتهم إياه في الدنيا {بالحسنى} وهي الجنة، فيثيبهم بها. ومنه كذلك قوله تعالى: {وكلا وعد الله الحسنى} (النساء:95) أي: وعد الله الكل من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم، والقاعدين من أهل الضرر الجنة.

* {الحسنى} بمعنى السعادة، جاء وفق ذلك قوله عز وجل: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} (الأنبياء:101) عني بها السعادة السابقة من الله لهم. قال ابن زيد: {الحسنى} السعادة، قال: سبقت السعادة لأهلها من الله، وسبق الشقاء لأهله من الله.

* {الحسنى} بمعنى البنون والذكور من الأولاد، جاء وفق هذا المعنى قوله سبحانه: {ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى} (النحل:62) قال الطبري: {الحسنى} التي جعلوها لأنفسهم الذكور من الأولاد، وذلك أنهم كانوا يئدون الإناث من أولادهم، ويستبقون الذكور منهم، ويقولون: لنا الذكور ولله البنات.

* {الحسنى} بمعنى الخير للمسلمين، جاء بحسب هذا المعنى قول الحق تعالى: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى} (التوبة:107) قال المنافقون: لم نرد ببناء المسجد إلا الرفق بالمسلمين، والمنفعة والتوسعة على أهل الضعف والعلة ومن عجز عن المصير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه.

* {الحسنى} بمعنى التصديق بالخَلَف من الله على ما ينفقه الإنسان على الوجه الذي يرضاه سبحانه؛ جاء على هذا قوله تعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى} (الليل:5-6) أي: صدَّق المنفق في سبيل الله أن الله سيُخلف عليه ما أنفقه في سبيله وابتغاء مرضاته. ووفق هذا المعنى أيضاً قوله سبحانه: {وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى} (الليل:8-9) أي: كذب بوعد الله بالخَلَف على ما أنفق في سبيله، وابتغاء رضوانه. وذكر بعض أهل التفسير أن المراد بـ {الحسنى} في هاتين الآيتين: الجنة، لكن ما ذكرناه أولاً هو اختيار الطبري.

* {الحسنى} بمعنى صفة الحَسَن التي هي ضد القبح، جاء على هذا قوله عز وجل: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} (الأعراف:180) سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى؛ لأنها حسنة في الأسماع والقلوب، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله. و{الحسنى} مصدر وُصِفَ به. ونحو هذا قوله سبحانه: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} (الإسراء:110) ومنه كذلك قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} (طه:8).

* {الحسنى} بمعنى وعد الله بالنصر والتمكين لعباده المؤمنين، جاء على هذا المعنى قول الحق سبحانه: {وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} (الأعراف:137) فـ (كلمته الحسنى) هنا المراد به النصر للمؤمنين والتمكين لهم في الأرض؛ بدليل قوله جل ثناؤه: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} (القصص:5-6).

* {الحسنى} بمعنى الغنى والمال، جاء بحسب هذا المعنى قوله عز وجل على لسان الكافر بأنعم الله وقد أصابته السراء بعد الضراء: {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} (فصلت:50) قال الطبري: وإن قامت القيامة، وردَّ هذا الكافر إلى الله حيًّا بعد مماته، يقول: إن لي عنده غنى ومالاً. رُوي عن السدي في قوله تعالى: {إن لي عنده للحسنى} قال: غنى.

وبما تقدم يُعلم أن لفظ {الحسنى} جاء أكثر ما جاء في القرآن الكريم بمعنى الجنة، وجاء بمعان أُخر مستفادة من السياق الذي ورد فيه هذا اللفظ.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة