الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترجمات اللاتينية الأولى للقرآن الكريم

الترجمات اللاتينية الأولى للقرآن الكريم

الترجمات اللاتينية الأولى للقرآن الكريم

يمكن القول بداية: إن الترجمات الأوربية للقرآن الكريم قد مرت بأربع مراحل متداخلة، نُجملها وَفْقَ الآتي:

المرحلة الأولى: مرحلة الترجمة من اللغة العربية إلى اللاتينية، وامتدت هذه المرحلة من القرن الحادي عشر الميلادي إلى القرن الثاني عشر منه.

المرحلة الثانية: مرحلة الترجمة من اللاتينية إلى اللغات الأوربية.

المرحلة الثالثة: مرحلة الترجمة من اللغة العربية مباشرة إلى اللغات الأوربية عن طريق المستشرقين ومن سار في فلكهم.

المرحلة الرابعة: مرحلة دخول المسلمين ميدان الترجمة إلى اللغات الأوربية، واتصفت بعض هذه الترجمات بالعلمية، وشيء من الموضوعية، وقد بلغت ما يزيد عن (45) ترجمة كاملة سوى ما كان من الترجمات الجزئية.

ومنذ أن تمت الترجمة اللاتينية الأولى والنصرانية تعيش في وهم اكتشفوه -بعد اطلاعهم على القرآن الكريم- إذ رأوا أن هناك تشابها كبيراً بين الإسلام والنصرانية، وأن الإسلام ما هو في النهاية إلا صورة مشوهة عن المسيحية؟!

وتحت تأثير هذا المفهوم تجرأ البابا بيوس الثاني فأرسل رسالة للسلطان محمد الثاني يدعوه فيها إلى النصرانية ليصبح خليفة لأباطرة بيزنطة، إلا أن السلطان لم يلتفت إلى تلك الرسالة، ورمى بها عُرْضَ الحائط.

والمتأمل في تلك الترجمات يجد أنها لم تكن عملاً أكاديمياً أثاره حب الاستطلاع فحسب، وإنما كانت -وهو الأهم- عملاً أعد له عن سابق تخطيط وترصُّد، واحتاج تنفيذه إلى إرسال البعثات لدراسة اللغة العربية، وكان كل ذلك بتوجيهات أعلى سلطة دينية نصرانية.

والأمر الأخطر في هذا العمل ليس مجرد الترجمة فحسب، وإنما الرد على القرآن والطعن فيه، إذ كان هذا هو القصد الأساس من وراء تلك الترجمات.

لقد ترجم القوم كتاب الله العزيز، وحرفوا فيه، وهاجموا، ونقدوا ونقضوا، ورفضوا وأثاروا الشبهة تلو الشبهة ولا يزالون، كل ذلك لم يتمَّ في لغة واحدة فقط، بل في عشرين لغة أو يزيد.

لقد أقامت الترجمات اللاتينية وتوابعها سدًّا منيعاً بين الأوروبيين والمعاني الصافية للقرآن الكريم ، وأورثتهم العداوة والبغضاء والكره الشديد للإسلام والمسلمين.

وأمام هذا الواقع المؤلم فإن الأمر يحتاج إلى موقف من المسلمين عامة، ومن المنظمات الإسلامية خاصة.

إن الأمر يستدعي قيام مؤسسة إسلامية عامة، تُستنفر فيها العديد من الكوادر العلمية المؤهلة للتصدي لما يُراد بهذه الأمة وما يُراد لقرآنها، ومن ثَمَّ خدمة القرآن الكريم ونشره وتوزيعه، ودفع الشبهات عنه، وكشف تحريف المحرفين، ورصد ما يصدر من ترجمات في العالم وتقويمها، والعمل على تخصيص هيئة مستقلة تكون مؤهلة لترجمة هذا الكتاب لأهم لغات العالم، وتفسيره للشعوب الإسلامية كافة.

لقد آن الأوان لتأخذ الأمة الإسلامية بزمام المبادرة، وتبلِّغ العالم ما أكرمها الله به من نور وهداية، مسترشدة بقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} (المائدة:67) وواضعة نُصْبَ عينيها قوله تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} (النحل:64).

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة