الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أطفالنا والعنف في وسائل الإعلام

أطفالنا والعنف في وسائل الإعلام

أطفالنا والعنف في وسائل الإعلام لا ينكر أحد ما لوسائل الإعلام من أثر في الصغار والكبار على حد سواء، وما لموضوعاتها المتعددة من تأثير في توجيه النفوس نحو الغايات العظيمة، أو باتجاه الاهتمامات التافهة!
وإذا كان الكبار يتأثرون بدرجات متفاوتة، ويدرك بعضهم - ولو بعد حين - مصدر تغيَّر موقفهم وسببه تجاه قضية ما، وتبدل نظرتهم إلى أمر معين، فإن الأطفال لا يدركون هذا الأمر.

ولما كانت وسائل الإعلام في هذا العصر متعددة، والموضوعات التي تعالجها متباينة، والحلول التي تطرحها مختلفة، فإن كثيرًا مما تطرحه يبقى أكبر من إدراك الأطفال وتصورهم.

ولما لم يكن هناك رقابة كافية لما يعرض على الكبار، كما أن بعضها قد لا يجدي، ولا سيما في عصر علم الاتصال وثورته، كما أن الكبار لا يحجبون كثيرًا مما يجب حجبه عن الصغار، فإن هؤلاء الأطفال سيكونون ضحية لما يعرض أو لما تصل إليه أيديهم، أو ما يقرؤونه ويشاهدونه ويسمعونه؟!!

وهناك كثير من الأسئلة التي تحمل إشكالات متعددة! فهل قصص الجنس والأدب المكشوف مما يتناسب مع سن الطفل، أو مما يجب أن يُعرف بتلك الضخامة والوضوح في هذه السن المبكرة؟ وهل الإنضاج المبكر لهذه الغريزة بالأساليب المثيرة الفاقعة يؤدي خدمة تعليمية تثقيفية ترفيهية؟ وهل الكثير مما تقدمه محطات التلفزة من أغانٍ ومسرحياتٍ ومشكلاتٍ يصلح في مجمله لأن يطلع عليه الأطفال؟ وهل ما تعرضه دور السينما من عروض جنسية، أو مشاهد عنف وجريمة، أو مناظر رعب تتزلزل معها قلوب الكبار، مما يتناسب مع براءة الطفولة؟

لقد كانت بعض دور السينما في الستينيات ترفع لوحة تحذر من دخول من هم دون الثامنة عشرة لمشاهدة عروضها، وفي مجتمعات الفوضى الجنسية والانحدار الأخلاقي ما تزال بعض الأسر تمنع أطفالها من رؤية العروض قبل مشاهدتها لها، والتأكد من صلاحيتها ومناسبتها لهم، بل هناك دراسات جادة حول موضوعات الأفلام، والزمن الذي يقضيه الأبناء في المشاهدة.
فقد نشرت الشرق الأوسط في العدد (7304) دراسة أكد فيها باحثون أمريكيون من جامعة ستانفورد بأن طلبة المرحلة الثانوية الذي يكثرون من مشاهدة أفلام العنف التي يعرضها التلفزيون هم أكثر عرضة من غيرهم لإدمان المشروبات الكحولية؟!!

ويقول الدكتور توماس روبنسون - رئيس الفريق العلمي الذي أجرى الدراسة - أن كل ساعة إضافية يقضيها الفتى وهو يشاهد الأفلام الموسيقية الصاخبة أو أفلام العنف تزيد احتمالات إدمانه المشروبات الكحولية في العامين التاليين بنسبة 31%؟!
وأوضح روبنسون أن الوقت المخصص لمشاهدة هذه النوعية من الأفلام يجب ألا يزيد على ساعة واحدة يوميًّا، أما إذا تجاوز ذلك فإن الإدمان هو النتيجة في معظم الحالات؟!!
وأوضح باحث سعوجي درس العلاقة بين الإعلام والعنف بأن ما يحدث في الأفلام قابل للعدوى، وأن الصورة قادرة على إثارة العنف.

وقد أكد الدكتور فلاح البلعاسي العنزي - وهو يرد على النظريات الشائعة في الإعلام أن العنف في الأفلام لا يترك بصماته على المشاهدين، وأن الأطفال لا يتأثرون بذلك؟!! - أكد بأن تكرار سلوك الأطفال العدواني أثناء اللعب يزداد زيادة كبيرة إذا شاهدوا نموذجًا عدوانيًّا قبل اللعب. ويرى الباحث بالاعتماد على المصادر الخاصة بعلم النفس الاجتماعي أن معظم المراجعات لعدد كبير من التجارب المخبرية يبين أن مشاهدة العنف تؤدي إلى زيادة في العدوان الجسدي أو اللفظي، وهناك دراسات معمقة حاولت أن تختبر الآثار طويلة المدى لمشاهدة العنف، وبينت أن كمية مشاهدة العنف في عمر الطفولة أو المراهقة ترتبط بالسلوك العدواني للفرد بعد عام أو سبعة أعوام أو عشرين عامًا؟!
والحقيقة أن الدراسات في هذا المجال عمومًا (الشرق الأوسط العدد 7304) تبين أن هناك علاقة أكيدة بين كمية مشاهدة العنف التلفزيوني والسلوك العدواني، فلماذا لا ننتبه إلى هذا، بينما يلفت نظر الكثيرين ويشد اهتماماتهم فوضى الآخرين، وتفلتهم من كل خُلق ودين؟
ـــــــــــــــــ
بقلم: يحيى بشير حاج يحيى

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة