عمري 30 سنة ولم أتزوج.. هل أسجل في مواقع الزواج على النت؟

2012-10-09 11:32:04 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 30 سنة، حاصلة على الماجستير حتى هذا الوقت لم يكتب الله الزواج أو الوظيفة.

عندي أخواتي أكبر مني لم يتزوجن، دائماً أسأل نفسي لماذا لم نتزوج! مع أنه الحمد لله متعلمات, ملتزمات من عائلة معروفة بالأدب والأخلاق العالية -الحمد لله- صار لي أكثر من سنة تراودني فكرة التسجيل في منتدى يهتم بزواج الموفدين بالدراسة للخارج.

وصليت صلاة الاستخارة مرات عديدة، ولكن خائفة إذا تقدم لي شخص وأعجبت بتدينه والتزامه وطموحه بعد سؤال أهلي عنه بعناية وبدقة جداً أواجه سؤال من أين عرفت ابنتنا؟

وبالذات لو كان خارج مدينتي؟ سيكون الموضوع بسرية تامة وبطلب مني ألا يذكر لأهلي ولا أهله عن الموقع؟

كلمت أختي المقربة لي من أشهر برغبتي الجادة في تسجيل بياناتي في الموقع، مع العلم أن التسجيل بالموقع بمبلغ مادي قالت لا تفكري مجرد التفكير بهذه الطريقة وحتى لو لم يكتب الله لك الزواج.

كانت تراودني فكرة التسجيل في الموقع حتى بدون إبلاغ أخواتي ولا أهلي، وإذا سألوني أقول لهم يمكن عرفني بالغربة؟ قلت لأختي حتى متى أنتظر عريس الغفلة يطرق بابنا مع العلم أني لا أريد الزواج من المدينة التي أنا أعيش فيها؛ لأني أنا من خارج هذه المدينة، ولكن بسبب وظيفة أبي استقرينا فيها، وأنا كاره لهذه المدينة، وأريد الخروج منها لأن طموحي ورغبتي في وظيفة ما لا توجد في هذه المدينة.

لا أريد إعادة ألم الاغتراب مع الأخ؛ لأنها كانت تجربة قاسية لي ولكن بتساهيل من الله وثقتي بالله انتهت على خير، ولكن كنت وما زلت حريصة على فكرة الاغتراب للدكتوراه مع زوجي.

والشيء الثاني أنا عاطفية جداً، أحب الأطفال لا أتخيل نفسي -أستغفر الله- أصل لعمر 33 سنة، وما فوق وأنا غير متزوجة، وما رأيت عيالي.

أريد أن أطبق كل ما درسته وتعلمته في أولادي، دائماً أقول إن شاء الله أولادي يكونون متميزين وإن شاء الله أكون لهم خير صديقة، وأخت وحبيبة وأم.

أريد منكم المشورة بارك الله في جهودكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارب فرج همي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج همك، وأن يُذهب كربك، وأن يقضي حاجتك، وأن يفرج كربتك، وأن يُحقق أمنتيك، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وترزقين منه الذرية الصالحة التي تكون متميزة، وتكونين لهم خير صديقة وأختٍ وحبيبةٍ وأم.

كما نسأله تبارك وتعالى أن يزوجك ويزوج كل من لم يتزوج من فتيات وفتيان مسلمين، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مع الأسف الشديد مشكلتك ليست مشكلة خاصة، وإنما هي مشكلة الملايين من الشباب في العالم العربي والإسلامي، ولك أن تعلمي أن بلدة كمصر وحدها فيها تسعة ملايين عانس وعانسة - أو تسعة ملايين عانس من الرجال والنساء – هؤلاء مَنْ لهم ومَنْ لهنَّ؟ شباب في عمر الزهور، وفتيات كالورود ورغم ذلك لا استطاعة ولا قدرة ولا طاقة بل أحيانًا ولا رغبة، لماذا؟ لأن الظروف صارت أكبر بكثير مما كانت عليه سابقًا، كانت الأمور في الماضي سهلة، وكان الزواج ميسورًا، الآن رغم أنك وصلت إلى هذه السن لو تقدم لك أحد لوجدت أن والدك يتعامل معه كما لو كان مُجرمًا، بمعنى أنه يشترط عليه شروطًا ناريَّة، لأنك غالية على والدك، ولكن والدك لم ولن يراعي - مع الأسف الشديد - الظرف الذي تعيشين أنت فيه أو السن التي وصلت إليها، وهذا نتيجة الوعي لدى الآباء والأمهات – مع الاسف الشديد – فلا نجد من الآباء من يتفاهم هذا الوضع إلا قليلاً أو نادرًا، وكثير منا يضرب صفحًا عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وقوله الله تبارك وتعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله}.

الآن سنجد أن والدك أو غيره من الآباء يقول: (إن ابنتي تحمل رسالة فوق الجامعة فكيف أزوجها من رجل يحمل كذا أو كذا أو لا يملك كذا أو كذا أو راتبه أقل من كذا وكذا) يعني المشكلة ليست مشكلة خاصة، وإنما مشكلة كبيرة وعويصة، قلة الوعي وقلة العلم وقلة الإدراك وقلة تقدير ومراعاة مشاعر الأبناء – ذكورًا أو إناثًا – جعلت القضية تتعقد مع الأيام.

الوضع المادي الذي عليه الناس الآن أيضًا أصبحتْ مشكلة أخرى، فالخليجية لا تقبل إلا بخليجي غالبًا، والخليجي الذي تقدم إليها لابد أن يكون قادرًا على نفقات الزواج وتكاليفه التي قد تزيد في بعض الأمور عن مائة ألف، وبعضهم قد يتزوج بالدين، والقرض الذي يظل يُرهقه ويُثقل كاهله لسنوات طوال، إلى غير ذلك من السلبيات.

التعليم أيضًا بصورته التي هو عليها الآن، الآن وصلت إلى الثلاثين من عمرك ولم تتزوجي، كان من الممكن أن تكوني أُمًّا وعمرك خمسة عشر عامًا، ولكن نظام التعليم القائم – مع الأسف الشديد – لا يسمح بإقامة حياة زوجية مبكرة، لماذا؟ لأنك ما زلت في المرحلة الإعدادية، ودخلنا إلى الثانوية تريدين أن تدخلي الجامعة، وبعد الجامعة تريدين أن تُكملي دراستك – وهلم جرَّى – هذه أيضًا من السلبيات التي ترتبت على هذا التعليم الذي يقوم في حياة الناس كما لو كان صنمًا يُعبد من دون الله تعالى، نجد أن معظم أولياء البنات حريصين كل الحرص على ضرورة إكمال البنت للمرحلة الجامعية، بل هي نفسها أيضًا تكون كذلك، وقد يتقدم لها الكفء في المرحلة الثانوية فلا تقبل به، لأنها تريد أن تحصل على شهادة كُبرى لتتوظف في وظيفة كُبرى، وتكون النتيجة أنها لا تُدرك كبرى ولا صُغرى، مع زيادة أعداد العاطلات وزيادة أعداد الخريجات أصبحتْ فرص العمل قليلة.

أقول هذا الكلام ليس اتهامًا لك ولا لأهلك – معاذ الله – وإنما أقول هذا واقع مع الأسف الشديد، ولذلك لابد لهذا الواقع من تغيير، لابد أن تتغير المنظومة الاجتماعية لدى المسلمين.

قضية الزواج عبر مواقع الزواج قضية رغم أنها قد تكون حلاً لبعض المشكلات إلا أنها ما زالت غير مقبولة، ولذلك أنت ليست قضيتك في الدخول إلى المواقع أو وجود الخاطب، وإنما قضيتك في السؤال المحرج والمخجل والقاتل: كيف تعرفتِ عليه؟ لأن هذه القضية ستكون هي أم القضايا كما لو كنت ارتكبت فاحشة أو منكرًا، لأن الأسرة تظن أو تعتقد أو تتوقع أن الدخول لمثل هذه المواقع من الجرائم الكبرى التي لا تُغتفر لا في الأرض ولا في السماء، ونسوا أو تناسوا أن هذه معاناة، وأنك تعيشين معاناة حقيقة، هذا كله لم ولن يفكر فيه أحد، وإنما قضية العرض والشرف، وقضية السمعة، والجاه والحسب والنسب هي التي تلعب دورها، رغم أنك لم ترتكبي منكرًا.

ولذلك: هي مخافة حقيقة من الآثار المرتبة على مثل هذا التواصل مع تلك المواقع، فحرصا على إغلاق باب الشر نقول: لا داعي، لأن هذا الأمر قد يكلفك الكثير، وإنما عليك بالوسائل الأخرى وهي ليست قليلة.

عليك بالتواصل الاجتماعي عبر المحاضرات والندوات والمساجد والأماكن الاجتماعية النسائية، أتمنى أن تخرجي من هذه القوقعة التي أنت فيها إلى العالم بطريقة شرعية، محاضرات تُلقى في المساجد، أنشطة، مراكز تحفيظ القرآن، الاحتكاك بمثل هذه المؤسسات يوفر نوع من المعرفة، لعل أحدًا لا يعرفك على اعتبار أنك لست من نفس المدينة وكلٌ يُغلق عليه بابه، بل لعل الجار لا يعرف جاره، فالمدينة ليست كالقرى التي يعرف الناس فيها بعضهم بعضًا، ولذلك قد تظلين حتى عشرات السنين لا يعرف أحد من أنت ولا من أنتم ومن أي قبيلة تنتمون ولا حتى من أي جنسية تحملون، نتيجة هذا الوضع.

فعليك - أختي الكريمة الفاضلة – بالدعاء والإلحاح على الله، والإكثار من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – مع كثرة الاستغفار، لأن بالاستغفار يتبعه فرج وتيسير، وبالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – يتبعه إزالة الهمِّ ومغفرة الذنب، وعليك بحضور مجالس النساء الصالحات، لعل واحدة منهنَّ لها أخ أو ابن أو قريب يبحث عن فتاة صالحة مثلك تطلبك له، وأبشري بفرج من الله قريب.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به. هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net