أشعر بقرب أجلي وأني سأموت، فما أسباب ذلك؟

2012-10-07 00:00:50 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا من الناس بطبعي سريع القلق والخوف والتوتر.

ولكن تأتيني حالات على فترات أشعر فيها بقرب أجلي، وأني سأموت بهذه الليلة،
وأشعر بتوتر وخوف عظيمين.

حاولت البحث عن الأسباب التي دفعتني لذلك ولأتخلص من هذا الشعور.

وجدت في نفسي أنه ربما تقصيري هو السبب، فالأصل بالإنسان الملتزم المؤمن أن لا يخشى لقاء الله إذا كان مؤمنا حقا، ولا يخاف بهذه الطريقة، ووجدت أني مقصر وقررت في نفسي أني سألتزم لله وسأعود لله!

وبالفعل بدأت المحافظة على الصلوات بالمسجد، وقراءة الأذكار وصلاة الفجر،
والقرآن وحاولت التقليل من التلفاز.

لكن يأتيني هاجسا الآن أن عبادتي ليست مخلصة لله، وأنني أردت فيها أن أرتاح في الدنيا وأن ينزاح عني الهم، وأن الله لن يقبلها مني لأني أردت الدنيا فيها، وأشعر بعدها بخوف أشد وقلق أشد، وأشعر بالابتعاد وأني غير مؤمن، مما يحبط عزيمتي وعندما أقول أن ذلك من الشيطان أشعر بأن الشيطان لا دخل له، وأن هذا من نفسي وأستعيذ بالله، ولا أجد أنه ابتعد؛ مما يزيد حيرتي وقلقي حول إيماني بالله.

وتأتيني أفكار كثيرة حول الإسلام بعدها، وأحاول صرفها ولكن أضل خائفا من الذي أفكر فيه، وأشعر بالاختناق، وأني غير مؤمن.

المشكلة أنني أحاول أن أتغلب على تلك الأفكار، مرات أشعر أني انتصرت على أفكاري ثم ما تلبث أن تعود بهواجس وخوف جديد، ولا أدري ماذا أفعل، فأنا تعبت.

أرجو توجيهكم ونصحكم حول هذا الخلل النفسي الذي يعتريني، فأنا لا أستطيع أن أزيح التفكير من رأسي، وأن تستقيم حياتي.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقع إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فاعلم أن الشيطان – لعنه الله – هو العدو الأساسي الذي حذرنا الله تبارك وتعالى منه، خاصة وأن عداوته قديمة بقدم أبيك آدم عليه السلام، فهو يحرص كل الحرص على أن يُفسد على الإنسان دينه، وأن يفسد عليه دنياه، وأن يفسد عليه طاعته، وأن يفسد عليه علاقته بالله تبارك وتعالى ومع الناس، وبذلك يبدأ بشن هجوم عنيف وقوي على المؤمنين، ويستعمل في ذلك سلاحين: السلاح الأول سلاح الشبهات، والسلاح الثاني سلاح الشهوات، أما الشبهات فيقذف بها في قلب العبد المؤمن ويجعله يعيش في خوف وتوتر وقلق ووسواس واضطراب، ويجعله لا يهنأ بطاعة ولا يفرح بعبادة، ويشككه دائمًا في أن هذه الأعمال ليست خالصة لله تعالى، وأنك أردت أن ترتاح في الدنيا، وأن يذهب عنك هذا الأمر، وأن الله لن يقبلها منك، لأنك أردت الدنيا... إلى غير ذلك. هذا كله من عمل الشيطان.

تقول بأن الشيطان لا دخل له في ذلك: هذه مسألة يصعب عليَّ وعليك أن نتكلم فيها، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بقوله: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) والشيطان يعلم نقاط ضعف ونقاط قوتك، على اعتبار أنه يعيش معك منذ فترة طويلة، ويعرف الأمور التي تفكر فيها، ويستعمل في ذلك أيضًا القوّاد الأكبر وهو الشيطان الرجيم الذي معك الذي يُطلعه على نقاط ضعفك ويمكنه منك.

ولذلك أخي الكريم بارك الله فيك عليك بالإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ولا تتوقف عن ذلك بارك الله فيك، اجتهد في ذلك حفظك الله ورعاك، ولا يضحك عليك الشيطان يقول (إن هذه الأمور ليست من الشيطان) لأنه يريد أن يصرفك عن العدو الأكبر إلى أشياء أخرى، حتى لا تستطيع أن تقف في وجهه الوقوف المطلوب.

فعليك بارك الله فيك بالإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واعلم أن ما قدره الله فهو كائن لا محالة، فلا تستسلم أبدًا لا للقلق ولا للخوف ولا للتوتر، لماذا تخاف وأمرك بين يدي الله تبارك وتعالى؟ لماذا تقلق ووليّك هو الله؟ ولماذا تتوتر وحسيبك وكفيلك هو الله؟ .. هذه كلها من عمل الشيطان، فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

كذلك أتمنى بارك الله فيك أن تقوم بعمل رقية شرعية، لاحتمال أن يكون هناك نوع من الحسد الشيطاني الذي بدأ يؤثر في نفسيتك. الرقية الشرعية هي قطعًا إذا لم تنفعك فيقينًا لن تضرك، لأنها مجموعة من كلام الله وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم – أتمنى ألا تستسلم أبدًا لهذه الأفكار، وإنما اجتهد في أن تحافظ على الصلوات كما ذكرتُ وقراءة الأذكار وصلاة الفجر، كذلك أيضًا محاولة التقليل من التلفاز، هذه كلها أمور رائعة، وهي عوامل مشجعة، والإكثار منها - بإذن الله تعالى – سيُخرجك من هذا المنعطف على خير في أقرب فرصة - بإذن الله تعالى - .

حل مشكلتك في يدك، فأنت صاحب القرار الوحيد في التخلص من هذه الإشكاليات كلها، لا تستسلم، وقاوم. وكونك تشعر بالانتصار ثم يأتي الشيطان ليطفئ هذه السعادة هذا من عمل الشيطان، دائمًا أشعر نفسك بأنك منتصرًا دائمًا، حتى وإن قدر الله وضعفت في أحد المرات لا تقول بأني ضعفت ولن أواصل، وإنما قاوم وقاوم وقاوم، وسوف تصل - بإذن الله تعالى – إلى انتصار كامل ودائم - بإذن الله تعالى -.

أنت تنظر إلى لاعبي الكرة، بل لعلك أنت كنت أحد هؤلاء، عندما يبدأ الإنسان أول أمره يلعب الكرة فإنما يقذفها إلى بُعد أمتار معدودات، ولكن مع تكرار التدريب والممارسة أصبح يستطيع أن يقذف بالكرة من الخشبة اليمنى إلى الخشبة اليسرى، وقد تقطع مثلاً مئات الأمتار، لماذا؟ لأن هناك تدريب، هذا التدريب لا يضيع هباءً منثورًا، فتدريب نفسك في مقاومة الشيطان وإغلاق منافذه سوف تُصبح أقوى - بإذن الله تعالى – وتتمكن من التخلص من كل هذه السلبيات - بإذن الله عز وجل - .

أكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واجتهد في المحافظة على أذكار الصباح والمساء، ولو تمكنت من الوضوء بصفة دائمة لكان ذلك خيرًا لك، وأكثر من الأذكار وقراءة القرآن، كما أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي محمد - عليه الصلاة والسلام – والإكثار من الاستغفار، وحاول أن تقضي على الفراغ الذي يوجد لديك بالصحبة الصالحة وحضور الندوات والمحاضرات والأنشطة الدعوية المفيدة والنافعة، وبإذن الله تعالى سوف تتمكن من القضاء على هذه السلبيات كلها، وسوف تكون من أسعد الناس - بإذن الله تعالى – وسيذهب عنك الخوف والقلق والتوتر في أقرب فرصة.
هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net