هل من برنامج لأستفيد من وقتي وأحفظ القرآن؟

2013-06-19 03:35:22 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشركم جدا على هذا الموقع الرائع, وعلى إجابتكم لعدة أسئلة سابقة.

سؤالي بالنسبة لإدارة الوقت؛ حيث إني كل يوم أقول من اليوم سأبدأ بإدراة الوقت, وللأسف أعود للإهمال, علما بأن لدي وقتا من بعد المغرب لا أستغله, وأنا أريد أن أتعلم الإنجليزية, ولكن للأسف يصيبني الخمول بعد انتهاء الدوام, وأضيع وقتي إما على الفيس بوك, أو على التلفاز, فبماذا تنصحوني لأستغل الوقت الذي يتمناه كثير من الناس؟

أنا للأسف لم أستغل وقتي, علما بأني شاب, وحلمي أن أحفظ القرآن, لكن للأسف كل مرة أؤجل, فإلى متى الله أعلم.

أرجوكم نصيحتكم لابنكم؛ كي لا أندم على وقتي في المستقبل.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الهام، ونؤكد لك أن الوقت هو الحياة، وأن اليوم إذا ذهب لا يعود، وأنه إذا مر يوم اقترب الإنسان من آخرته، وأن الإنسان لا يملك أغلى من هذه الثواني التي تمر بسهولة، لكننا لا نستطيع شرائها حتى بأغلى الأثمان.

دقات قلب المرء قائلة له: *** إن الحياة دقائق وثواني
فاعمل لنفسك بعد موتك ذكرها *** فذكر الإنسان عمر ثاني

وأبلغ من ذلك كما جاء في تحميل الإنسان المسؤولية: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع) نصف هذه الأسئلة عن العمر وعن الوقت، (أن يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه –وهو أغلى فترات العمر وأغلى فترات الحياة– فيما أبلاه) وأنت ولله الحمد تسأل هذا السؤال، وأنت في فترة الشباب، فإمكانية التدارك لما فاتك كبيرة بالنسبة لك، واعلم أن الوقت هذا نعمة من نعم الله علينا، والنبي -صلى الله عليه وسلم– يُصحح المفاهيم فيقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).

ومن هنا لا بد أن نُدرك –وهذا أول عامل يدفعنا لاستغلال الوقت والانتفاع به– أن ندرك جريمة وجريرة من يُضيع وقته، حتى قال ابن القيم: " إذا رأيت المرء يضيع أوقاته فاعلم أنه يُعجل بوفاته، والإنسان يسعى في هدم عمره منذ خروجه من بطن أمه". وكان يقول: "تضييع الوقت أشد من الموت؛ لأن الموت يقطعك من الأحياء، أما تضييع الوقت فيقطعك من الله تبارك وتعالى".

وأعجبنا أنك في السؤال أشرت إلى مسألة إدارة الوقت، وهي ثقافة العصر ولغة العصر، كيف يدير الإنسان هذا الوقت؟ كيف يُخطط لوقته، كيف يرتب لأمور حياته؟ كيف يضع جداول منتظمة؟ وكما قال علي: " من قضى يوم في غير فرض أداه أو مجد بناه أو علم حصّله أو مجد اكتسبه، فقد عقَّ يومه وظلم نفسه".

ولذلك ينبغي أن تستمر بنفس هذه الروح، وتحاول أن تجعل لنفسك جدولاً تُلزم نفسك به، توزع فيه هذه الأمور حسب أهميتها، وحسب حاجتك وحاجة الأسرة إلى النوع المعين من الخدمات.

والإنسان إذا رتب أولوياته لن يقع في المطبات التي يقع فيها الكثير من الناس فيضخم الصغير ويصغر الكبير، يؤخر ما حقه التقديم ويقدم ما حقه التأخير، لا يمكن المسألة (مثلاً) سبعين أن يأتي مكان المسألة رقم واحد، ولذلك هذا جانب من الأهمية بمكان، ونحن نتمنى أن تستغل حتى بقية الأوقات في الطريق، تشغل نفسك بالتسبيح والذكر، بمراجعة ما حفظت، بحفظ كتاب الله ولو بدقائق معدودة، لأن العبرة هو الاستمرار والديمومة، ليست العبرة بحجم الوقت الذي يقضيه الإنسان في أي عمل.

ثم عليك أن تشجع نفسك بأي نجاح يتحقق، ونتمنى من البداية أن يكون الجدول واقعي، يتناسب مع المشغوليات، يتناسب مع وضعك الخاص، بحيث يكون جدولاً للتمثيل، ليس جدولاً للإحباط، والنبي -صلى الله عليه وسلم– يُخبرنا فيقول: (فإن المُنبتَّ لا أرضا قطعَ ولا ظهرا أبقى) ثم إن المتسابق الناجح ليس الذي يبدأ بسرعة ويكلف نفسه فوق طاقتها، لأن هذا يسقط في منتصف الطريق وتهلك الدابة، لكن المتسابق الناجح الذي ينتصر هو الذي يبدأ بسرعة معتدلة من البداية إلى النهاية، ولا مانع من أن يزيد مجهوده في نهاية المطاف.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net