مؤمنة بقدرة الله، ولكنني أفتقر إلى حسن الظن به، أنقذوني من نفسي.

2014-01-07 05:23:40 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

لدي استفسار عن موضوع أشغل بالي وفكري، أعيش في هم عظيم من هذا الموضوع.

أنا سيدة -ولله الحمد- محافظة على صلواتي، وعلى النوافل وقراءة القرآن -ولله الفضل وحده-، تأتيني في بعض الأحيان أحاسيس وأفكار ترهقني بل وتقتلني، عندما أدعو الله، أو أفكر في حسن الظن، وفي الأمور التي تحصل في حياتي وكيف أريدها أن تتغير، يأتيني شعور بأنها لن تتغير، يأتيني شك في أن الله سيغيرها، أشعر بأنني مهما فعلت لن يتغير الحال، لم أكن هكذا ـ كنت شديدة الأمل بالله وكنت أثق بأن أموري ستتغير للأفضل-، ولكن عندما تحسنت بعض الأمور ثم انتكست من جديد، لا أعلم ما أصابني، أشعر بحزن شديد من هذا الأمر.

تارة يزول هذا الشعور، وتارة يعود وهذا ما دمرني، أثق أن الله على كل شيء قدير، وأستمع للمحاضرات، وأقرأ مواضيع عن حسن الظن بالله والتوكل، لكن قلبي وعقلي غير متوافقين في هذا الأمر، لا أشك في الله أو في قدرته -جل وعلا-، لكن ليس لدي حسن الظن، أعلم أن كلامي غير منظم، ولكنه مبعثر كما أشعر بداخلي.

أرشدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم راكان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي نعتقد أنه فعلاً مرتب، لأن الإشكال فيه واضح، والفكرة واضحة، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونبشرك بأنك على خير، وهذه الوساوس من عدونا الشيطان، والحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة، يعني كما قال الصحابي للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (يجد أحدنا الأمر في نفسه زوال السموات أحب من أن يتكلم به) فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) وهذه إشارة رائعة وبُشرى لك من أن هذا الضيق الذي دفعك للاستشارة والتواصل معنا هو دليل على أنك رافضة للأفكار السالبة، وهذا دليل خير ودليل إيمان، ونسأل الله لنا ولك الثبات والسداد.

التوجيه الثاني: قال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) يعني كون الشيطان لم ينجح إلا في أن يوسوس ويشوش عليك، فهذا دليل على خذلان هذا العدو، وكيد الشيطان ضعيف، فاستعيني بالله تبارك وتعالى.

ثم يوجهنا -عليه صلاة الله وسلامه– إذا جاءتنا مثل هذه الوساوس بأن نقول (آمنت بالله) ثم لينتهِ، يعني بأن تقطعي التواتر، بأن تشغلي نفسك بأمور أخرى، والإنسان عليه أن يتوجه إلى الله، فإن أعطانا شكرنا، كما كان ابن الجوزي يقول: (كانوا يدعون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول: مثلك لا يُجاب، أو لعل المصلحة في ألا أُجاب).

وما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بإحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر والثواب مثلها، وإما أن يرفع عنه من البلاء والمصائب النازلة مثلها، فأنت رابحة في كل الأحوال، فاصطحبي هذا المعنى الواضح، وتعوذي بالله من شيطانٍ همّه أن يُحزن الذين آمنوا، همّه أن يُدخل الأحزان على أهل الإيمان، وأبشري خيرًا فإن الشيطان لا يقف في طريق المتبرجات ولا في طريق السكارى والحيارى، ولكن يقف في طريق من عرفت الطريق إلى الله، ولذلك قال: {لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم}.

لذلك نسأل الله لك التوفيق والثبات، ونؤكد لك أنك على خير، فحاولي دائمًا أن تقرئي عن حسن الظن، وعن السلف – عليهم من الله الرضوان – وتعوذي بالله من الشيطان، وعندما تأتي الأفكار السالبة اشتغلي بغيرها، وتعوذي بالله من الشيطان (فلينتهِ)، وقولي (آمنتُ بالله)، نشغل أنفسنا، نتوقف عن الأفكار السالبة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأرجو ألا تنزعجي من هذا الأمر، فإن هذا هو عمل الشيطان، وعمل المؤمن أن يخالف العدو، لأن الله أخبرنا فقال: {إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوًّا} واعلمي أن الله -تبارك وتعالى- لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وأنه قال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وأن الله -تبارك وتعالى- يعلم حقيقة نواياك، فهو الذي لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى، -سبحانه وتعالى-، فأبشري وأمّلي خيرًا، وتمسكي وازدادي إيمانًا وثقة وحسن ظنٍ بالله -تبارك وتعالى-، وأنت تشاهدين نعم الله -تعالى- تنزل عليك وعلى من حولك، فالعظيم الرحيم الوهاب هو الذي يتفضل علينا دون سابق استحقاق منا، ولكن هذه رحمة، هذه هبات من الوهاب، المنعم المتفضل.

نسأل الله أن يعيننا وإياك على الطاعة، وأن يجنبنا الشيطان وكيده ووساوسه وهمزه ونفخه ونفثه، وأن يُلهمنا رُشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

www.islamweb.net