أعاني من الكتمان الشديد الذي يمنعني من حكاية مشاكلي!

2020-04-26 04:26:36 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أثابكم الله، أنا فتاة في الثانية والعشرين من عمري.
أعاني من الكتمان الشديد الذي يمنعني عن شكوى مشاكلي لأي أحد من حولي مهما بلغ حجمها.

بدأ ذلك عندما كنت في الثالثة من عمري عندما شكوت لأمي أمرًا ما أدى إلى حدوث مشكلة كبيرة كنت أنا السبب فيها، لكن دون قصد مني، أو إدراك أخبرني شخص وقتها أن ما حدث كله بسببي؛ لأنني أصغر الأبناء وكما يقول البعض) الفتاة المدللة ..
عندما كنت في الخامسة تعرضت لتحرش من قبل شاب لا أعرفه، وتكرر نفس الشيء عندما كنت في التاسعة تقريبًا من رجل كبير في السن، وفي سن العاشرة، لكني لم أستطع إخبار أي شخص خوفًا من أن يسبب ذلك مشكله أخرى، فأكون أنا السبب فيها.

أعاني من مشاكل أسرية أثرت علي بشكل كبير، فلا أستطيع تهدئة الأمور خوفًا من أن أزيد الأمور سوءًا، أو أن أشكو مدى تأثير تلك المشاكل عليّ خوفا من أن أخلق مشكلة جديدة أنا في غنىً عنها.

في ذات يوم استجمعت قواي وشكوت لأحد والدي أمرًا قد حدث لي عندما كنت في الرابعة أجس فيه نبضًا إن كان ذلك سيحدث مشكلة أم لا؟ غير أنه أخرسني في منتصف حديثي؛ لأن الأمر أثر به ولامني لما لم أخبره وقتها، وكنت الملامة في ذلك مما زاد الأمر تعقيدًا لدي أن شكواي ستسبب أذيه لغيري وإزعاجا.

غير ذلك يراني الجميع شخصية باردة متبلدة لا تتأثر بأي شيء، ويعتقدون أيضًا أنني شخصية حقودة؛ لأنني ألتزم الصمت تمامًا إن أخبرني أحدهم بأمر أزعجه مني، أو صاح في وجهي لأي سبب كان.

لم أعد أمتلك من الشجاعة شيئًا لكي أبوح لأي ممن حولي بما أشعر به، حتى وإن أردت ذلك وأقدمت عليه.

بت أشغل جل وقتي بألعاب الفيديو، والنوم كترويح عن النفس، لكني لاحظت مؤخرًا أن نفسي تميل لألعاب العنف والقتال أكثر من غيرها، فهل ذلك ناتج عما كان يحدث لي؟ علمًا أني أحب أسرتي أكثر من أي شيء آخر.

أرجو منكم المساعدة، جزاكم الله عني خير الجزاء.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ maha shm . حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا، وعلى البوح بما في نفسك من هذه المعاناة، وأكيد أن عندك الكثير للحديث فيه والفضفضة، ولا شك أن وقع ما جرى ويجري كان وما يزال شديدا عليك.

كثيرًا من الأحيان عندما تتعرض الطفلة للاعتداء والتحرش الجنسي قد تصاب بنوع من أنواع الصعوبات النفسية أو الأسرية أو الاجتماعية، ومنها مثلاً في موضوع الكتمان والحيرة، فيمن تخبر ومن لا تخبر وكيف تُخبر...، وتحتاج الضحية أحيانًا لغير قليل من الإرشاد النفسي، وخاصة إذا كان الذي قام بهذا الاعتداء والتحرش أحد الأقرباء الذين تعرفينهم، فهذا يجعل الأمر أصعب بكثير.

ومن الطبيعي أن تكون عندك ردود الأفعال هذه التي تتحدثين عنها، كالغضب والكتمان، وما يسميه الناس بالبرود... فما هو دورك الآن؟

لا بد أولا من أن تعرفي أن ما جرى ليس من خطئك، وإنما هو عدوان وتحرش وجريمة قام بها من كان المفروض فيه أن يؤمن حمايتك ورعايتك! وتأكدي بأنك لم تفعلي أمرًا سيئًا، وليس فيك ما يعيب مما يجعل من اعتدى يعتدي، إلا جرمه وانحرافه هو وليس أنت.

وثانيًا: لا بد من العمل على ألا يتكرر هذا مجددًا، وبأي حال من الأحوال، وهناك عدة أمور يمكنك القيام بها.

طبعًا في كثير من الأحيان لا بد لمن تعرض لحادث صادم كالتحرش من فرصة للحديث عما في أنفسهم، وإذا لم تجدي أحدا من أسرتك ممن يمكن الارتياح للحديث معه، وممن يحسن الاستماع، فلا بأس أن يكون من خارج الأسرة.

أنصحك بمراجعة طبيبة أو أخصائية نفسية، حيث يمكن لك أولا أن تتحدثي عن الكثير من العواطف والمشاعر المختلطة لديك، ومن ثم أن تضع لك الأخصائية برنامجًا علاجيًا، واطمئني من ناحية سرية العمل وخصوصيات الناس، فالأصل أن هذا أمر متوفر.

وفي البداية قد يكون الحديث مع الأخصائية صعبًا نوعًا ما إلا أنه يسهل مع الوقت، ولا تعودي تلك الفتاة الكتومة كما أسميتها.

أرجو أن تطرقي باب المساعدة، فهي متوفرة، وأنت لست أول فتاة تتعرض للتحرش، وتتلقى المساعدة المتخصصة، ولست الأخيرة مع الأسف الشديد، والحديث عن موقفك ومشاعرك من والديك سيكون محورًا من محاور العلاج والإرشاد النفسي، والأمر في غاية البساطة، اتصلي وخذي موعدًا.

أرجو أن يكون في هذا ما يعين، وحفظك الله من كل سوء.

www.islamweb.net