أريد تغيير انطوائيتي وعزلتي وأن أكسب علاقات جديدة

2014-05-26 02:40:57 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

عمري 18 سنة، الأشخاص الغرباء الذين يرونني يقولون عني هادئة، وأنا أبدا لا أحب هذا الوصف، لأني لم أكن هكذا، لكن الآن أشعر أني فعلا هادئة، ولم أكن من ق-بل أنطوي وأعتزل، الآن الجميع يقول عني أني انطوائية وأحب العزلة، وأنا أرى نفسي هكذا، أشعر أني في المدرسة مراقبة من الجميع، لا أستطيع أن أتصرف بعفوية، وملامح وجهي باهتة جدا وحزينة، لم أكن هكذا في المرحلة المتوسطة، كنت اجتماعية ومرحة أضحك من حولي كلهم، لكن لا أعلم ما الذي حدث؟ هل لأني صادقت فتاة تتميز بالهدوء جدا والانطواء؟

أحب مخالطة الناس وأحب أن أكون اجتماعية، لكن لا أعلم لماذا لا أكون هكذا؟ دائما إذا رجعت للمنزل أبكي لأني انطوائية وانعزالية، أتمنى أن أكون صداقات كثر وأن أكون مرحة مثل قبل، لكن غالباً أضحك مجاملةً، ولا أتأقلم بسرعة مع الأشخاص أو المجتمع. سأتخرج من هذه المدرسة بعد أسبوعين وسأنتقل إلى الجامعة، لا أريد أن أكون انطوائية أو منعزلة في الجامعة، أريد أن أتغير وأكسب صديقات.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا على هذا الموقع، ولا شك أنها ظروف صعبة تمرّين فيها وأنت في هذه المرحلة من المراهقة، وأنت في 18 من العمر، وخاصة أنك على وشك الانتهاء من الثانوية ومن ثم دخول الجامعة -بعون الله-.

وربما الكثير مما ورد في سؤالك يعود لعدة أسباب من أهمها، شيء من ضعف الثقة في النفس، والتي هي ربما لبّ الموضوع، والذي يمكن أن يفسّر الأمور الأخرى، وربما يعود هذا الضعف لعدة أسباب ومنها:

أولا: التربية والرعاية في مرحلة الطفولة.

وثانيا: لا ننسى أنك في هذه المرحلة الحساسة من حياة الإنسان، مرحلة المراهقة، وبكل ما تفرضه هذه الفترة الحرجة من التحديات.

ولكن أريد أن أنبهك إلى أمر إننا نحن البشر، كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا، بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة كالانطوائية، أو أن ملامح وجهنا باهتة، وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أننا نتصف بالهدوء أو التردد أو الانطوائية، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

لابد لك يا بنيتي أولا وقبل أي شيء آخر أن تبدئي "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبليها كما هي، وأن ما يميّزك هو بما أنت عليها من صفات وخصائص، فإذا لم تتقبليها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

مارسي دراستك ونشاطاتك بهمة ونشاط، وارعي نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من العبادة والتغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك، ولا تنسي أن أفضل تقدير للنفس هو ما ينبع من الداخل وليس من إطراء الآخرين لنا.

ولهذا يقول لنا الله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} فنحن يا بنيتي مكرّمون عند الله، مكرمون بما وهبنا وأعطانا، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أعطي الآخرين ضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها؟

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الصعوبات من تلقاء نفسها وأن تتجاوزي مرحلة المراهقة هذه، وخاصة مع دخول الجامعة، ومن خلال الاختلاط بالناس والحديث معهم، وإذا طال الحال أو اشتدت هذه الأعراض ولم تشعري بالتغيير الذي تتمنين فقد يفيد مراجعة أخصائية نفسية، ممن يمكن أن تقدم لك الإرشاد النفسي المطلوب، وإن كنت أعتقد بأنك ستتمكنين من السير قدما في حياتك من دون الرجوع للأخصائية النفسية.

وفقك الله ويسر لك الخير، وأعانك على الانقال للمرحلة الجامعية التي فيها العلم والمتعة والفائدة.

www.islamweb.net