هل تنصحون بالزواج من فتاة أمها مصابة بالفصام؟

2015-12-08 03:54:37 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على ما تقدمونه من خدمات مجانية للناس، أرجو إرسال هذا السؤال للدكتور محمد عبد العليم المستشار النفسي.

أريد أن أستشيرك في سؤال يتعلق بالزواج، إذا كنت مصابًا بقلق اكتئابي، وبعض الوسواس القهري منذ أكثر من خمسة أعوام، وأتناول العلاج منذ ذلك الحين، ووالدتي كانت مصابة بذهان الشيخوخة، وتعاني الآن من ضعف الذاكرة والتركيز، ووالدي عنده أيضًا قلق نفسي، وأخواي الاثنين عندهما نفس حالتي، ولكن بدرجات مختلفة وخالي كان مصابًا بمرض نفسي، ولكن لا أعلمه، وابن عمي تم تشخيصه بإصابته بمرض الفصام، ويتناول العلاج الآن، فهل يمكنني الزواج من فتاة والدتها تعاني أيضًا من الفصام؟

ما أخاف منه أنه بسبب التاريخ المرضي لي، ولأسرة الفتاة أن يصاب أولادي بالأمراض النفسية، أنا أعلم أن المرض النفسي لا يورث، ولكن الاستعداد له هو الذي يورث، والبيئة التي أعيش فيها حاليًا (القاهرة، مصر ) تشجع على ظهور الأمراض النفسية بسبب الضغوط التي يمكن أن يتعرض لها الطفل خلال مراحل نموه، والتي تعرضت لها أثناء صغري، حيث كنت شخصًا مؤدبًا بدرجة كبيرة، جعلتني أنعزل عن المحيطين بي حتى لا أتعرض إلى كلمة تسيئني، أو أشترك في حوار مليء بالألفاظ السيئة، ورغم ذلك كنت أتعرض للسخرية بسبب انعزالي، وأصاب بالحزن والقلق من تكرار التعرض للسخرية، فأنا أيضًا لدي عزة نفس شديدة.

وإذا كان يجب ألا أتزوج من فتاة لدى أسرتها تاريخ مرضي نفسي، فهل عندما أخبرها بتاريخي وتاريخ أسرتي المرضي سترضى بالزواج مني؟ حيث إنني أرى أنه أخلاقيًا يجب أن يذكر الطرفين المقبلين على الزواج كل عيوبهم للطرف الآخر، خصوصًا إذا كان الأمر مرتبطًا بالذرية.

أرجو تفهم مخاوفي، حيث إنني رجل شديد الإحساس بالمسؤولية، والخوف الشديد على الأعزاء المحيطين بي، ولا أريد أن أسبب أي معاناة لأي شخص سواء زوجتي المستقبلية، أو أبنائي المستقبليين.

حاليًا أعمل مهندسًا في مكان ممتاز، وأعيش فقط مع أخي الأكبر، ولا أتكلم معه إطلاقًا؛ لأنه يحب الانعزال عنا، ووالدي ووالدتي وأخي الأوسط وزوجته يعيشون في السعودية وعمري ٢٦ سنة، وملتزم إلى حد كبير، -والحمد لله-.

آسف على الإطالة، وجزاك الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا - أخِي - على مشاركاتك الراجعة لإثراء موقع إسلام ويب، وأشكرك على ثقتك في شخصي الضعيف، وأقول لك - أخِي الكريم -: ما يُعرف بالتحميل أو التحمُّل الجيني الذي يجعل الإنسان أكثر استعدادًا لبعض الأمراض النفسية - وأقصد بذلك الذرية – هذا أمرٌ معروف ومؤكد ولا شك فيه، وأنا أقول لك – أخِي – بكل شجاعة علمية ومِصداقية: لا تتزوج من هذه الفتاة، ما دامتْ أُمُّها تعاني من مرض الفصام؛ لأن مرض الفصام مرض رئيسي وأساسي، والتأثير الجيني والوراثي فيه معلوم ومعروف لدرجة كبيرة، فلا أريد أن يتم نوع من الالتقاء الجيني ما بينك وما بين هذه الفتاة الفاضلة.

فأخِي الكريم: أسأل الله تعالى أن يرزقك بالزواج من امرأة أخرى، وابحث وسوف تجد -إن شاء الله تعالى- المرأة المناسبة.

أخِي الكريم: حين تتزوج -بإذن الله تعالى- لا تكن شديد الحساسية، وتفرض رقابة وسواسية على نفسك وعلى ذريتك، خذ الموضوع بشيء من البساطة، أحسن تربيتهم، وهذا هو المطلوب، لا تفرض عليهم سياجًا من الحماية وشدة الملاحظة لأي عرضٍ حتى لا تفسِّره تفسيرًا مرضيًا، وعليك بالدعاء – أخِي الفاضل – الدعاء سلاح المؤمن في كل شيء، وخاصة في مثل هذه الحالات.

بالنسبة لإخطار وإخبار الزوجة وأهلها بوجود مرضٍ من عدمه؟
هذا أمرٌ أنا أؤيده تمامًا، وأرغب فيه تمامًا، وأنصح به كثيرًا، لكن يجب أن يكون إخطار الطرف الآخر فيه شيء من المهنية، وفيه شيء من المصداقية دون مبالغة، ودون تهاون، ودون تهويلٍ وتضخيمٍ للأمر، وأنت – يا أخِي الكريم – رجل محترم، تعمل في مهنة محترمة، من الواضح أن توازنك النفسي توازن جيد جدًّا، وهذا هو المهم، وحين تُخطر وتُخبر أي فتاةٍ يجب أن تقول لها أنك تعاني من بعض الصعوبات القلقية والوسواسية في بعض الأحيان مع شيء من الاكتئاب البسيط، وأنت الحمدُ لله على خير، ويمكن أن تتحدث أيضًا عن تاريخ أسرتك إذا سُئلت، إذا لم تُسأل لا أعتقد أن هنالك أي داع أو سبب لتتحدث عن هذا الأمر.

وإذا أراد أهل زوجة المستقبل الاستقصاء والاستفسار من طبيبك المعالج، فهذا أمرٌ أنا أُقِرُّه كثيرًا وأؤيده كثيرًا، ويمكنهم بمعرفتك وبعد استئذانك أن يذهبوا إلى الطبيب الذي تُراجعه أنت، هذا يُطمئن الفتاة وأهلها كثيرًا، وفي معظم الحالات يتم القبول والموافقة باختيار الزوج أو الزوجة.

أما بالنسبة لأخيك هذا – أخِي الفاضل – أرجو أن تتفاعل معه اجتماعيًا، أرجو أن تجعله أكثر انفتاحًا، ودائمًا حاول أن تحفِّزه، وأن تُشجعه، ويا حبذا أيضًا لو جعلتَ أحد أصدقائك أو اثنين من أصدقاءك أيضًا يُساعدونه في التفاعل الاجتماعي، هذا أمرٌ مرغوب وأمر جيد، وأعتقد أنه سوف يفيدك كثيرًا، وفي ذات الوقت سوف يعطيك أنت شعورًا عظيمًا بالرضا والإنجاز.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net