أشعر بالدونية والنقص عندما أكون برفقة أشخاص مستواهم أرفع مني!

2015-12-24 02:07:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أعاني من مشكلة الشعور بالدونية والنقص، وهذه المشكلة ملازمة لي منذ صغرى. عندما أكون برفقة أشخاص غرباء أشعر بالنقص، وكلما كان مستوى هؤلاء الأشخاص مرتفعًا ماديًا أو اجتماعيًا أو علميًا، شعرت بنقص شديد، بل وبالخجل أيضًا، وأجدني أوافق هؤلاء الأشخاص على أي شيء يقولونه، حتى لو كان لي وجهة نظر مختلفة! وأشعر بالرهبة كلّما علا وارتفع مستوى هؤلاء الأشخاص في أي مجال من المجالات، بل إنني في بعض الأحيان أيضًا أشعر بالنقص حتى لو كنت برفقة أشخاص أقل مني أو في نفس مستواي تقريبًا، ولا أعرف ما سبب هذا الشعور! ولكن يزيد هذا الشعور بشدة إذا كنت برفقة أشخاص مستواهم مرتفع، وأشعر أنني تابع لهم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوضع الأمثل في حالتك هو: أن تذهب وتقابل أخصائيًا نفسيًا ليقوم بإجراء الفحوصات والقياسات النفسية؛ ليُحدد مصادر قوة وضعف شخصيتك، هذا هو الوضع الأمثل، فإن تيسَّر لك ذلك أرجو أن تذهب وتقابل المختص -كما نصحتُ لك-.

أما فيما يتعلق بحالتك بصفة عامة: فهذه مشاعر سلبية، مشاعر سوء تقدير الذات، وكثير من الناس قد يقع في هذا، بعض الناس يُضخمون ذواتهم، يُقيِّمونها بصورة غير صحيحة، يُعطون لها أكثر ما تستحق، وبعض الناس يُقللون كثيرًا من مقدراتهم، وأعتقد أنك من هذه الفئة، وعلاج هذه الحالات -كما ذكرتُ لك- يكون من خلال تحديد معالم الشخصية عن طريق القياس النفسي.

والأمر الثاني -وهو المهم- هو: أن تجلس مع نفسك، أن تُناقش نفسك، أن تحاور نفسك، أن تُقيِّم نفسك مرة أخرى لكن بصورة منصفة، بصورة فيها شيء من الشفافية والمصداقية والدقة والحيادية، انظر إلى مصادر القوة أولاً في ذاتك، وسوف تجد هناك أشياء قوية، وأشياء كثيرة، وأشياء جيدة.

الفكر السلبي دائمًا يقودنا إلى تناسي ما هو جميل وما هو صحيح في حياتنا، فيا أيها الفاضل الكريم: قيِّم نفسك، وسوف تجد أنك أفضل ممَّا تتصور، ثم بعد ذلك حدِّد مصادر الضعف أيضًا، لكن دون مبالغة، ودون تركيز عليها، واسعَ بعد ذلك لقبول نفسك، لفهم ذاتك -وهذا مهم جدًّا- وبعد ذلك اسعَ لتطويرها، والتطوير يكون تدريجيًا، وليس صعبًا أبدًا.

أولاً: يجب أن تُحدد مشروعًا تُنجزه في عمرك، ما هو الشيء الذي تريد أن تُنجزه؟ وكيف سوف تُنجزه؟ وما هي الآليات المطلوبة لذلك؟ هذا أمرٌ مهم جدًّا.

فضع هذا المشروع الحياتي أمام ناظريك، واسعَ لتطبيقه، ويمكن لهذا المشروع الحياتي أن يكون أمرًا ليس مُعقَّدًا، كأن تتحصَّل على درجة علمية مثلاً، وأن تحفظ عددًا من أجزاء القرآن الكريم، وأن تتعلم إحدى اللغات بجانب اللغة العربية، هذه كلها مشاريع في الحياة، ويمكن أن تُنجز.

المقصود من هذا أنه اتضح أن الإنجاز الإيجابي يؤدِّي إلى انعاش النفس وتقديرها بصورة صحيحة، والثقة في المقدرات، وتحقيق وتأكيد الذات. إذًا عليك بهذا النهج.

الأمر الآخر: بر الوالدين؛ فبر الوالدين يرفع من معدَّل تقدير الإنسان لنفسه دون مكابرة أو مبالغة أو تحقير، فاسع لذلك دائمًا.

أمر آخر ضروري جدًّا: أن تكون في رفقة الصالحين من الناس، الناس الذين لا تحسّ منهم بشيء من الاستعلاء، وهؤلاء ستجدهم في المساجد -أيهَا الأخ الكريم-.

الحرص على صلاة الجماعة يجعلك تحس بما نسميه بالشعور بالعالمية المتكاملة حيال النفس، يعني أنت جزء من هذ الفئة الطيبة ولست أقل منهم.

التواصل مع الصالحين من الناس، ومن الجيران، ومن الأصدقاء، ومن زملاء الدراسة، هذا كله يعطيك شعورًا عظيمًا بالإيجابية.

الإصرار على التواصل الاجتماعي ومشاركة الناس في مناسباتهم، أفراحهم وأتراحهم، وممارسة الرياضة مهمة، والقراءة، والاطلاع..؛ هذه هي الأسس التي تُطور من خلالها ذاتك، وتسعى تدريجيًا لتنميتها.

أرجو أن تقرأ عمَّا يُسمى بالذكاء العاطفي، وكتاب (دانيال جولمان Daniel Goleman) من الكتب الممتازة جدًّا، هنالك وكتب كثيرة عن تنمية الذات وتطويرها، وكيفية التعامل مع النفس، والتعامل مع الآخرين؛ فإنه من المهم جدًّا -أيها الفاضل الكريم– أن تكون لك اطلاعات في هذا المجال، ولا بد قبل ذلك أن تكون من المطلعين على سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو قدوتنا في كل شيء، وكذلك تكون مطلعًا على سير الصحابة –رضوان الله عليهم - وتاريخهم العظيم الحافل بالأشياء العظيمة جدًّا، هذا النوع من الاطلاع والاكتساب الفكري أراه مهمًا جدًّا، وأراه يُدعم الصحة النفسية للإنسان ولا شك في ذلك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

www.islamweb.net