أدرس في جامعة مختلطة فكيف أقي نفسي من الفتن؟

2016-12-19 00:27:13 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

جُزيتم خيرا على تعاونكم، وصبركم وإرشادكم للجميع.

أنا فتاة جامعية أحاول بأقصى جهدي أن أصون نفسي وأحفظها، ولدي رسالة أريد إيصالها بالتزامي ولطف تعاملي مع الجميع أنه يمكن للفتاة الملتزمة أن تكون متفوقة وتتعامل مع الجنس الآخر بحكمة، وأن تشارك وتتكلم، ولا تتجنب التعامل مع الجميع لأجل شعار الالتزام الذي يطلقه العديد على نفسه دون معرفة جوهره الحقيقي.

ومحور سؤالي يا سيدي: أنني بسبب شخصيتي والتي أسمع من الجميع أنها قوية ومتزنة (أتمنى أن أكون كذلك) أكون بهذا محط أنظار الجميع، وبسبب ذلك أصبح العديد من الشباب بالجامعة يرون أنني فتاة مثالية وأنا لست كذلك، وخلال هذا الشهر فقط تعرضت للعديد من المواقف من أكثر من شاب أبدوا إعجابهم بي بطريقة أو أخرى، ويظنون أني فتاة رائعة لمشروع الارتباط (هذا بُرهن لي بعدد من المواقف)، حتى أن أحد هؤلاء الشباب يكتب كلام حب عني، وفي المحاضرات لا يزيل نظره عني أبدا وأنا والله عمري ما استرسلت بالنظر لأي رجل؛ لأني لا أعيرهم الانتباه فيظنون أني لا أتأثر ولست منتبهة أصلا، لا فأنا أتأثر وهذا يوقع شيئا في نفسي، بالله عليكم كيف أتصرف معه ومع غيره؟ أنا لست كذلك، لست مثالية، كلي عيوب تملؤني، وميل النفس له نصيب كبير عندي فماذا أفعل؟

أنا أتقي الله بهم بأن لا أترك أي نوع من الفتنة في نفس أي شاب، وليس هناك من يخاف الله بي فهذا الأمر يشتتني كثيرا، ماذا أفعل؟ وكيف أتعامل مع هذا الكم من الفتنة؟

أسأل الله أن يحفظني ويحفظ جميع شباب المسلمين، سامحوني على الإطالة، وشكرا جزيلا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإٍسلامية وردا على استشارتك أقول:
إذا تتبعنا التاريخ الإسلامي منذ فجر النبوة بشيء من التدبر، والتؤدة، واستقراء الحياة العامة للرجال والنساء فإننا سنرى بصمات المرأة المسلمة حاضرة ولن تغيب المرأة من مشهد من مشاهد الحياة، غير أن ثمة ضوابط عامة التزمت المرأة المسلمة في التعامل بها وبحسب المواقف والأحداث، وما يثيره أعداء الإسلام من شبهات حول تعامل الإسلام والمسلمين مع المرأة متعمد، والمقصود من ذلك تشويه صورة الإسلام في أعين الغربيين أولا وجهلة أبنائه، ثانيا فالمرأة المسلمة كانت تشارك في معالجة جرحى الحروب وسقيهم، وتهاجر من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، وكانت تعمل في التجارة إن اقتضى الأمر، وتمشي في الأسواق لشراء بعض حاجتها، وتجيب على أسئلة من يسألها من الناس، وتعلم طلبة العلم، فنبغت بعض النساء في القرآن، والفقه، والشعر، ومعرفة الأنساب، ورواية الحديث النبوي وغير ذلك، ولكل زمان احتياجاته، لكن المرأة في ذلك الزمان كانت ملتزمة ببعض الضوابط كما ذكرنا آنفا، فمن ذلك أنها لم تكن تخضع بقولها فيطمع الذي في قلبه مرض، ولا تختلي برجل، ولا متبرجة تثير شهوات الرجال، وتتكلم بحسب الحاجة، أما في زماننا هذا فبعض النساء يتعاملن مع الرجال بدون أي ضوابط وهنا تكمن المشكلة؛ لأن البعض منهن اغتررن بما يسمى (مساواة المرأة بالرجل)، والمرأة تعلم أنه لا يمكن التسوية بين الجنسين بحال من الأحوال.

الجامعة أيتها الأخت الكريمة مكان له قداسته فهو صرح علمي ينبغي ألا ينقلب إلى وكر للفساد والإفساد، ولو نظرت ما حولك لوجدت عددا كبيرا من الرجال قد انحرفوا عن هذا المفهوم فصاروا في تعاملهم مع النساء يلهثون وراء شهواتهم، ولذلك ينبغي على الفتاة أن تصون نفسها وتحرص كل الحرص على التقليل من مخالطة الرجال والتحدث معهم؛ حتى لا تتعرض لبعض المواقف التي تخدش حياءها، أو تجعل بعضهم يتجرأ للقرب منها وهذا لا يمنع من مشاركتها وتميزها في أدائها، ولكن بحسب الحاجة ولعلك حين تناسيت هذا المعنى اقترب منك بعضهم وأبدوا إعجابهم بك، وقام أحدهم بكتابة كلام حب، وصار نظره لا يفارقك أثناء المحاضرات فهل هذا الشاب جاء ليتعلم أم أتى ليغازل؟

أتمنى أيتها الأخت الكريمة أن تعيدي النظر في تعاملك مع الرجال، فأنت فيما يظهر لي انفتحت أكثر من اللازم، ونحن في عصر كثرت فيه الفتن والمرأة بطبيعتها الأنثوية تغري الرجال كما ثبت في السنة النبوية (أن المرأة أذهب للب الرجل الحازم) فصوتها ومشيها يوثران، وأنظار الرجال مطلقة ولا يغض بصره إلا من وفقه الله فكيف إذا كانت الفتاة كاشفة وجهها، وكانت جميلة، وكيف إذا كانت ملابسها تبدي تقاسيم جسمها فذلك أكثر فتنة وإغراء، فإن كنت من هذا الصنف فاتقي الله تعالى والتزمي بما أمرك الله به، وأما حكمة التعامل مع الجنس الآخر فمقتضاها أن يكون بحسب الحاجة أو الضرورة.

المرأة بطبيعتها ضعيفة وعاطفية بل أستطيع أن أقول إنها كتلة من العواطف الجياشة ولذلك تتأثر ببعض الكلمات وتؤثر فيها النظرات، ولا شك أنك أعجبت بثنائهم عليهك وبقولهم عنك إنك (قوية ومتزنة) فيخشى إن بقيت على هذه الطريقة أن يأتي وقت تضعفين فيه وتقعين في حبائل وشباك بعض المكارين، ومن ثم تدفعين الثمن غاليا وتندمين ولات ساعة مندم.

أتمنى منك أختنا الكريمة أن تراجعي نفسك، وأن تجلسي معها جلسة محاسبة ومكاشفة فتجتهدي في إصلاحها، مع التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى أن يهديك لأحسن الأخلاق، وأن يصرف عنك سيئها، وأن يلهمك رشدك ويوفقك، وأن يصرف عنك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، ويبعد عنك الأشرار وكيد الفجار.

نسعد كثيرا بتواصلك معنا في حال أن استجد أي جديد في حياتك، ونسأل الله لك التوفيق.

www.islamweb.net