ما الحد الكافي لتعلم فنون اللغة العربية لفهم الكتاب والسنة؟

2021-08-30 00:20:20 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا تخرجت في كلية الاقتصاد، وأريد فهم القرآن الكريم والسنة النبوية وكتب الشريعة والأدب وغيرها، فما هي الفنون والمستويات التي يجب أن أتقنها في اللغة العربية لأصل إلى مبتغاي؟ وهل يكفي مثلا في النحو: المقدمة الآجرومية، وفي البلاغة: البلاغة الواضحة، أم يجب أن أصل إلى مستويات متقدمة كالألفية وغيرها في باقي الفنون؟ وما هي الكتب التي تنصحونني بها لأزيد من المفردات وتحصيلي اللغوي؟ خاصة أني أميل للكتابة، ولكن لا أستطيع التعبير عما في داخلي بسبب افتقاري للمفردات وغيرها، وأعتذر عن الإطالة في السؤال.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على تعلُّم ما يُعينك على فهم كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، وهذه علامةٌ على أن الله تعالى أراد بك الخير، فإن مَن يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهُ في الدِّين، وممَّا لا شك فيه – أيها الحبيب – أن تعلُّم العلم الشرعي منه ما هو فرضٌ واجبٌ على المسلم، ومنه ما هو نفلٌ مستحب، وينبغي للمسلم أن يُرتِّب أعماله فيبدأ بالأهم ثم ينتقل إلى المُهمِّ.

فيجب عليه أن يتعلَّم فرائض الله تعالى الدائمة، وكذلك الفرائض التي يُكلَّف بها بخصوصه لعارض من العوارض، كتعلُّم أحكام الزكاة لمن لديه المال، وتعلّم أحكام الحج لمن يقدر عليه، وتعلُّم أحكام البيع والشراء لمن يُزاوله ويُمارسُه، وهكذا سائر الأعمال والمهن التي يُزاولها المسلم يجب عليه أن يتعلَّم ما يتعلَّقُ بها من الأحكام.

كما يجب عليه أن يتعلَّم الأحكام المتعلقة بعباداته بقلبه، فيجب عليه أن يتعلّم ما يُداوي به أمراض القلوب التي قد أصيب بها مثل أن يتعلّم كيف يداوي داء الحسد إذا أُصيب بالحسد، وداء الكِبر إن أُصيب بالكبر، وهكذا، فهذا النوع من العلم طلبه فرض، وتحصيله واجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (طلب العلم فريضة).

وأمَّا العلم المستحب فهو ما عدا ذلك وما زاد عليه، وهو كثير، وهو مع كثرته يقع في مستوياتٍ متفاوتة، وكلَّما استزاد الإنسان من هذا العلم استزاد خيرًا إلى ما فيه من الخير، فإن من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله تعالى له به طريقًا إلى الجنّة، ولا تزالُ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما صنع، كما أخبر الله تعالى في كتابه في آياتٍ عديدة عن فضل العلم وأهله.

فنصيحتُنا لك أن تُشمِّر عن ساعد الجدِّ، وتحرص على تحصيل ما أمكنك تحصيله من العلم، ولا شك أن الطريق الصحيح هو اتباع السُّلَّم التعليمي بتحصيل مبادئ العلم قبل نهاياته وصِغاره قبل كِباره، وهذه هي الربَّانية في طلب العلم، وهذا لن يحصل لك على وجه التمام والكمال إلَّا بصحبة الأستاذ المُرشد، والمعلِّم المُفيد، فإن صحبة الأستاذ تختصر لك الزمن وتُسهّل لك العسير، وتُقرِّبُ لك البعيد.

ولهذا نصيحتُنا لك أن تحرص على التعرُّف على العلماء المربِّين في بلدك، فتسترشد بآرائهم، وهم عندما يعرفون قُدراتك ومستواك سيُحدِّدون لك ما ينبغي لك أن تتعلَّمه. كما أنه بإمكانك أن تستفيد من مواقع العلماء الربَّانيين المعروفين مثل العلَّامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – وكذا موقعنا موقع الشبكة الإسلامية، وغيرها من المواقع النافعة لتحصيل العلم.

وممَّا شك فيه أن هذا العلم يقع في مراتب ودرجات، وأوَّلُها ما ذكرته أنت من الكتب في علم النحو (الآجرومية) وفي البلاغة (البلاغة الواضحة)، وفي هذا تحصيلُ قدرٍ نافع ولا بأس به، ولكنّه لا يكفي لأن يصل الإنسان إلى مرتبة متقدمة يفهم بها مستويات أعلى في مسائل الدين الواردة في كتاب الله وفي سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهو لا يزال بحاجة إلى المزيد في سائر الفنون الخادمة لكتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- من قواعد اللغة وقواعد أصول الفقه، ومعرفة الصحيح والضعيف من الحديث النبوي، وغير ذلك، وهذا إنما يتأتَّى تحصيله على وجه التمام بمصاحبة الأستاذ المُرشد كما قدَّمنا.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والهداية.

www.islamweb.net