هل تعجلت في أمر الخطبة؟

2022-06-01 02:21:21 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا شاب عمري 29 سنة، خطبت فتاة بعد بحث طويل عن طريق أحد الأصدقاء، وبعد الاستخارة تمت الموافقة والخطبة وعقد القران بسهولة، ولكن بعد عقد القران شعرت بضيق شديد ونفور وعدم الراحة، وأتساءل كثيرا، وألوم نفسي لأني تسرعت في الخطبة، فلو انتظرت قليلا، فلربما وجدت أفضل منها، لأن حالتها المادية ضعيفة، وأحس أنها غير ملائمة لي، ولكن عندما أكون معها ونتحدث أشعر بالراحة نوعا ما، والانجذاب لها، ولكن عندما أخرج من عندها أشعر بضيق وحزن وألوم نفسي على تسرعي في الخطبة.

خطيبتي تمتلك مواصفات طيبة وجيدة، وأهلي يحبونها جدا، فهي مطيعة وملتزمة بصلاتها، وتحبني جدا حسب قولها وأفعالها، وتحاول إرضائي بكل الطرق، ولكن شعوري هذا شتت تفكيري وأتعبني جدا الصراع الداخلي وأثر علي جدا.

لجأت إلى الدعاء، وقلت: يا ربي أنت تعلم وضعي، فإذا كان خيرا لي تمم لي على خير، وإذا كان شرا لي فاصرفه عني، واختر لي فإني لا أحسن الاختيار، ووكلت أمري لله، وصليت الاستخارة من جديد، ولكن نفس الشعور، أرجو تفسير حالتي، هل زواجي مكتوب ومقدر أم هو نتيجة اختياري؟ وما حكم دعائي بهذه الصيغة وصلاة الاستخارة؟ أريد أن أرتاح من هذا الوضع، ما الحل برأيكم؟ أرجو مساعدتي.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويُرضّيك به.

وقد أصبت - أيها الحبيب - ووفقتَ حين بدأت طريقك للزواج بالاستخارة لله سبحانه وتعالى، فأحسن ظنّك بالله، واعلم أنه سبحانه وتعالى سيُقدّرُ لك الخير، ولعلّ هذا القدر الذي تعيشه - وهو التوفيق لهذه الفتاة والعقد عليها - هو الخير الذي اختاره الله تعالى لك، لا سيما مع ما وصفت به هذه الفتاة من الصفات الطيبة، فالمواصفات الطيبة والتزامها بدينها وحُبُّها لك، وحبُّ أهلها لك، كلُّ هذا يُؤشّر على أنها الاختيار الأفضل -بإذن الله تعالى-.

واعلم - أيها الحبيب - بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أرشد مَن يريد الزواج بأن يجعل أهم المقومات للاختيار دين الفتاة التي يُريدُ اختيارها، وإن كان الشرع لا يُنكر على الناس أن يتزوجوا لمقاصد أخرى كالمال والجمال والحسب، ولكنّ أهم ما ينبغي للإنسان أن يلتفت إليه - بجانب المطالب الأخرى - الدّين، وأنت لا تشتكي ضيقًا من جمال هذه الفتاة، فيبدو من كلامك أن مواصفاتها مناسبة لك، إلَّا أنك تشعر بالنفور منها لضعف حالتها المادية كما ذكرتَ، فنصيحتُنا لك ألَّا تلتفت لهذا الجانب، وأن تتذكّر نصيحة النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (فاظفر بذات الدين تَربت يداك)، ومعنى (تربت يداك) دعاء عليه بالفقر إذا هو لم يأخذ بهذه النصيحة، وأعرض عن ذات الدّين يبحث عن غيرها.

واعلم - أيها الحبيب - أن ضعف حالة هذه الفتاة وشعورها بالنقص يدفعها للمبالغة في إسعادك وطاعتك، وتكميل هذا النقص بالجوانب الأخرى في الحياة الزوجية، وهذا بلا شك سيعود عليك بالسعادة والسرور، وتذكّر في الوقت نفسه لو أنك تزوجت فتاة فيها ما ترجوه من حُسن الحالة المادية، ولكنّها تُعاملك بنوع من الجفاء، وقد تجد في لسانها سوءا وفُحشًا، وقد تجد ما يُزعجك ويُنفّرُك منها، فقارن بين هذه الأحوال وبين حالة هذه الفتاة التي تتودد وتتحبّب إليك، وهذه المقارنة ستُوجد في قلبك الميل الشديد لهذه الفتاة والرغبة فيها، وتُذهب عن كاهلك هذا الشعور الذي شتت تفكيرك.

واعلم - أيها الحبيب - أن الشيطان حريص على أن يُفرّق بين الإنسان وزوجته، وهو يُذكّرُك بكل ما من شأنه أن يُنفّرك من زوجتك، وتنبُّهك لهذا أيضًا سيدعوك إلى المقارنة بين ما في هذه الفتاة من الجوانب الإيجابية الحسنة التي تدعوك إلى الاستمرار في الزواج بها، وبين الجوانب الأخرى التي تُنفّرُك منها، وهذه المقارنة قد أرشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال - كما في صحيح مسلم -: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) أي: لا يُبغض مؤمن مؤمنة، ثم قال: (إنْ كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر).

فزواجُك مُقدَّرٌ مكتوب، ولكنّك تأخذ بالأسباب، وأنت تجهل هذا المكتوب.

هذه النصيحة التي أسديناها لك، أن تبقى على هذا الزواج، وألَّا تُنهيه ما دام ذلك ممكنًا غير شاقٍّ عليك، ودعاؤك بهذه الصيغة لا بأس به، لكن إن وجدت في نفسك نفورًا شديدًا من هذه الفتاة بحيث لا تتقبَّلُها ولا تشعر بالميل إليها؛ فربما كان الفراق في هذه المرحلة أفضل لك ولها وأيسر عليكما قبل الدخول في التزامات الزواج، وربما حصول أبناء وبنات، فيكون تشتت الأسرة بعد ذلك أصعب من الفراق الآن، وقد قال الله سبحانه وتعالى عن المتطلقين: {وإن يتفرقا يُغنِ الله كُلًّا من سعته}، ولكن نصيحتنا هي ما بدأنا به الحديث معك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير.

www.islamweb.net