ذنب اقترفته سابقاً وما زال ينغص علي حياتي، فما الحل؟

2023-06-04 00:37:46 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 27 سنة، اقترقت ذنباً عندما كنت صغيرة، وهذا الذنب نغص علي حياتي، ودخلت في حالة نفسية، وأنهار كلما أتذكره وأبكي، أحس أني خنت ثقة أبي وإخوتي بي، وأحس أن لا أحد فعل ما فعلت، وأقول عن نفسي إني سيئة، كيف فعلت ذلك؟ أعاني كثيراً من هذا الشعور، وأدخل في حالة نفسية سيئة.

تراودني فكرة الانتحار، لكني لا أرغب في تنفيذها، وكأن شيئاً يدفعني لأؤذي نفسي، كيف أتخلص مما أنا فيه؟ بالإضافة لشعوري بأعراض جسدية، مثل: وجع في الجسم، وصداع مستمر، ووجع في البطن، كيف أتخلص من كل ذلك؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

الشعور بالذنب ولوم الذات يمكن أن يُعتبر شعورًا إيجابيًّا في مرحلة من مراحله، ومقبولاً في مستوى مُعيَّنٍ من مستوياته، ولكن إذا أدَّى إلى كُره الحياة والتفكير في التخلص منها؛ فيُصبح هذا الشعور شعورًا سلبيًّا، وينبغي معالجته لأنه يُعكر صفو الحياة والاستمتاع بها.

أولاً: نقول لك ليس هناك إنسان معصوم عن الخطأ إلَّا من اصطفاهم الله تعالى، فقد يُخطئ المسلم، كما قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (كل بني آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون)، وقال تعالى في كتابه العزيز: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم} [سورة الزمر:35] فالمسلم مهما ارتكب من أخطاء فإذا تاب واستغفر يجد الله توّابًا رحيمًا، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، والتائب حبيب الرحمن: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}.

ثانيًا: تقولين إنك ارتكبت هذا الخطأ وأنت صغيرة، فإذا كان عمرك آنذاك دون البلوغ فأنت معفيّة عن كل الأخطاء التي ارتكبتِها؛ لأن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يُبيِّن ذلك؛ فعن عليٍّ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل)، وفي رواية: (حتى يفيق).

ثالثًا: الشعور بأنك لم تحافظي على الثقة التي كانت بينك وبين والدك وإخوتك، فنقول لك: إن الخوف من الله تعالى أولى من الخوف من البشر، فما دام الله تعالى يعفو ويصفح، وهو السِّتِّير الذي يستر العيوب؛ إذًا فهو القادر على الحفاظ على سمعتك واحترامك وسط ذويك.

لذا -أيتها الأخت الفاضلة- إن التفكير في الماضي وما فيه من آلام وجراحات لا يفيد في الوقت الحاضر، بل علينا أن نتعلّم ونستلهم منه العبر فقط لا غير؛ لأنه مضى وولَّى ولا يمكن إرجاعه، فالمطلوب الآن هو التركيز على الحاضر والاستمتاع به وبما فيه، والتطلُّع إلى المستقبل بروح التفاؤل والأمل.

فنريدك أن تنهضي من جديد، وتضعي لك أهدافًا تُساعدك في العيش في هذه الحياة بكل ثقة وطمأنينة، وينبغي ألَّا تُكبِّلك تلك الأفكار السلبية التي تُرجعك إلى الماضي، والتي ضخَّمتْ عندك الخطأ، فكأنك أنت الوحيدة التي ارتكبت ذلك الخطأ، أو كأن الخطأ قد مسح عقلك وشخصيتك، وصار ليس لك وجود في هذه الدنيا، بل أنت ما زلتِ حيَّة، تتمتعين بقدرات عقلية ومهارات حياتية جيدة، فاستثمريها الآن بطريقة إيجابية، وسيزول كل ما تعانين منه -إن شاء الله-، سواء كان نفسيًّا أو جسديًّا، وعيشي حياتك بالطريقة العادية وواصلي في علاقاتك مع الآخرين، ولا تفكري أن كل العالم يعلم بهذا الخطأ الذي ارتكبته، بل لا يعلمه إلَّا الله سبحانه وتعالى، وهو الذي ستره، فهذا يعني أنك ما زلت بخير، وأن سمعتك بين أهلك وبين ذويك وبين عشيرتك ما زالت سمعة طيبة، وما زالت الثقة موجودة، فما عليك إلَّا أن تعيشي بطريقة طبيعية.

والله الموفق.

www.islamweb.net