لدي ردود فعل ميكانيكية بحتة وخالية من العفوية، فما نصيحتكم؟

2023-07-16 00:04:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

عمري 20 عامًا، ولفترة طويلة كان لدي شعور غريب، أشعر أنني لم أعد أفهم كيف يمر الوقت، وهو أمر غريب حقًا، كما أنني أشعر بالغربة عن الواقع -الانطباع بأنني في كابوس-، وكذلك تبدد الشخصية، غالبًا ما أشعر بالقلق، ولدي أفكار مظلمة، ولا أستطيع التعبير عن مشاعري، وبالفعل لا أستطيع البكاء عند الضرورة، وأضحك عندما أضطر إلى الضحك.

لدي ردود فعل ميكانيكية بحتة وخالية من العفوية، لقد كانت مستمرة منذ ما يقرب من 3 سنوات، لقد قمت بعمل تخطيط كهربائي للدماغ مع طبيب أعصاب، ولكنه مطمئن.

أعاني من نوبات القلق عدة مرات في الأسبوع، وفي المساء بمجرد أن أنام أستيقظ من النوم، دون أن أنسى الحالة التي أستيقظ فيها، في الصباح، لا يمكنني حتى تناول إفطاري، لا تترددوا في إعطائي النصيحة؛ لأنني في حاجة إليها حقًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب - أيها الفاضل الكريم - ونحن سعداء بمشاركتك هذه، وبتوفيق من الله تعالى قمتَ بوصف حالتك بدقة شديدة، وقطعًا - ومن خلال هذا الوصف الدقيق - لديك قلق نفسي، وهذا القلق الجزء المحوري فيه هو ما يُعرف بـ (اضطراب الأنّية)، أو (اضطراب التغرُّب عن الذات) أو (اختلال الهوية)، أو ما يُسمَّى بـ (تبدُّد الشخصية)، وتسمى (Depersonalization) وإن كنتُ لا أحبّ هذه المسمّيات، لكن الذي أقوله لك أن الأصل في هذا الأمر هو نوع من القلق النفسي.

والقلق النفسي مطلوب طبعًا، لكن يكون بدرجة معقولة مقبولة؛ لأن القلق الإيجابي هو الذي يُساعدنا على النجاح، ويُساعدنا على تحسين الدافعية لدينا من أجل الإنجاز، إلَّا أنه حين يزداد وحين يحتقن له تبعات سلبية.

أيها الفاضل الكريم: أنت تحتاج لعلاج دوائي، هنالك أدوية بسيطة جدًّا، عقار مثل الـ (سيبرالكس Cipralex)، والذي يُسمّى علميًا باسم (اسيتالوبرم Escitalopram)، أعتقد أنه سوف يكون مفيدًا جدًّا لك، لعلاج القلق والتوترات، ويُعرف أنه له خاصِّيَّة معيّنة في علاج اضطراب الأنّية، يُضاف للسيبرالكس دواء آخر يُعرف باسم (دوجماتيل Dogmatil)، وهذا يُسمى علميًا باسم (سولبيريد Sulpiride).

سأصف لك الجرعات، وأؤكد لك أن هذه الأدوية أدوية سليمة، وفاعلة، وغير إدمانية، وأنت تحتاج لجرعات صغيرة.

جرعة السيبرالكس: تبدأ بخمسة مليجرامات من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات، تتناول هذه الجرعة - أي نصف حبة - لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة -عشرة مليجرامات- يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

أمَّا بالنسبة للسولبيريد: فتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا في الصباح لمدة شهرٍ واحد، ثم تتوقف عن تناوله.

هذا بالنسبة للعلاجات الدوائية.

أمَّا بالنسبة للأشياء الأخرى - وأقصد بذلك العلاجات السلوكية والاجتماعية -: طبعًا التجاهل للأعراض هو مبدأ أساسي في مثل هذه الحالات، نعم أنا أعرف أن الأعراض قد تفرض نفسها على الإنسان، لكن أيضًا الإنسان يمكن أن يفرض على نفسه التجاهل، أو يفرض التجاهل على هذه الأعراض.

والإنسان يستطيع أن يتجاهل هذه الأعراض من خلال استثمار وقته، أن يكون لك اهتماماتٍ ترى أنها أهمّ من هذا القلق وتبعاته، وحُسن إدارة الوقت هي التي تجعل الإنسان يستغلّ وقته بصورة مثمرة، وأوّل النقاط المحورية في إدارة الوقت هي:

- تجنُّب السهر، النوم الليلي المبكّر يعطي الإنسان حقيقة راحة نفسية وجسدية؛ لأن المواد الكيميائية الدماغية - خاصةً الموصِّلات العصبية - تُفرزُ ليلاً، والإنسان من خلال نومه مبكرًا يستيقظ مبكّرًا، ويؤدي صلاة الفجر ويكون في نشاط وهمّة طيب النفس غير كسلان، والبكور فيه خيرٌ وبركة كثيرة، وأفضل وقت للمذاكرة حقيقة هو بعد صلاة الفجر، مَن يدرس لمدة ساعة بعد صلاة الفجر أفضل له من أن يدرس ثلاث ساعات في بقية اليوم، وهذا الأمر ليس فيه مبالغة، بل هو مجرَّب، واسأل به خبيرًا.

- تجنّب النوم بالنهار مهمٌّ جدًّا، لأنه لا فائدة فيه، إلَّا قيلولة بسيطة، لا تتجاوز نصف ساعة، وتكون في وسط النهار، لا في أوله ولا في آخره.
- ممارسة الرياضة أيضًا مهمّة جدًّا.
- وفي حالتك أيضًا ممارسة تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة مفيدة جدًّا، هنالك برامج كثيرة على اليوتيوب أرجو أن تستعين بها لتطبيق هذه التمارين.

إن شاء الله تعالى بأخذ الإرشاد الخاص بنمط الحياة الإيجابي، وتناول الأدوية التي ذكرتها لك، سوف تتمتّع بصحة نفسية ممتازة جدًّا، وعليك - يا أخي - بالأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، والأذكار الموظفة في اليوم والليلة، والصلاة على وقتها يجب أن تكون دائمًا على رأس الأمر، {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} أي مفروضًا.

ولا بد أن تكون لك مشاريع وأهداف في الحياة، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، وترسم لحياتك ولمستقبلك، وتتطلع إلى المعالي، وتحرص على الخير، مستعينًا بالله تعالى، متوكلاً عليه (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net