آثار العنف على الطفل على الصعيدين العائلي والمدرسي

2023-12-22 09:56:20 | إسلام ويب

السؤال:
آثار العنف على الطفل على الصعيدين الآني والآتي عنف عائلي، وآخر مدرسي .. فأين المفر؟

كيف يتم علاج هذا العنف، وخاصة عندما يكون من الطرفين بنفس الوقت، من البيت عنف على الأطفال وضرب، ثم يأتي المدرسة ويجد عنفًا، إما من الطلاب، أو من بعض المدرسين.

ولكم جزيل الشكر.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الأخ الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعيننا على حُسن التربية لأبنائنا وبناتنا، وأن يُصلح لنا ولكم النيّة والذرية، وأن يُلهمنا السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

أرجو أن يعلم الجميع أن صلاح الذرية ينتج باتباعنا لهدي خير البرية، هدي رسولنا (ﷺ) الذي ما ضرب بيده امرأةً ولا طفلًا ولا خادمًا - عليه صلاة الله وسلامه - الذي ربَّى في ظلال الحب، في ظلال معاني هذا الدّين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

والطفل بحاجة إلى أن يعيش الأمن والأمان في بيته؛ لأن البيوت هي مكان الأمن، والنبي (ﷺ) مدح نساء قريش فقال: «خَيْرُ ‌نِسَاءٍ ‌رَكِبْنَ ‌الْإِبِلَ صَالِحُو نِسَاءِ قُرَيْشٍ»، وكان من المؤهلات التي ذكرها فيها قول النبي (ﷺ): «أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ».

فالطفل بحاجة في سنوات عمره الأولى إلى مزيد من الحنان والتواصل والعطف والاهتمام، بل نستطيع أن نقول الرفق هو هدي النبي (ﷺ) في التربية، فـ «الرِّفْقَ ‌مَا ‌كانَ ‌في ‌شَيْءٍ ‌إِلا زَانَهُ، وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ شَانَهُ».

وإذا احتاج المربي إلى أن يُؤدّب فينبغي أن يكون هذا أيضًا بلطف، وفق تدرُّجٍ عظيم، يُتجنّب فيه الصراخ، ويُتجنّب فيه كثيرة اللوم والعتاب، ويبتعد فيه عن الضرب؛ لأن النبي (ﷺ) مَا ضَرَبَ خادِمًا لَه، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ.

والطفل إذا وجد المعاملة القاسية العنيفة من والديه فإنه يفقد أمنه، يفتقد إلى طمأنينته، ويفقد ثقته في نفسه، ويهرب إلى جهة يحتمي بها، وعندها يقع في حبائل شياطين الإنس ورفقة السوء.

والعنف أيضًا يجعل شخصيته مترددة، ويجعل هذا الطفل أيضًا حاقدًا على المجتمع، ويكوّن عنده نوع من النفاق الاجتماعي، فهو سيُصلي إذا كنَّا مجودين، وسيدرس إذا كانت العصا على رأسه، وإذا ذهب إلى المدرسة، فوجد أيضًا ذات العنف في المدرسة فهنا تكتمل الكارثة، وكأننا نُعِدُّ المجتمع ونرفد المجتمع بمشروع إنسانٍ مُجرم، حاقدٌ، سلبي، متردد، عنده نفاق اجتماعي، يكره الخير والحق، ولا يفعل الخير إلَّا إذا خاف، وهذه أشياء خطيرة جدًّا، ولذلك العنف له آثار سالبة ينبغي أن نتفاداها.

الطفل بحاجة إلى أن يتربّى في بيته على الوضوح، وعلى التبرير للتصرُّفات، وعلى الإرشاد والبيان، وهذا كلُّه ينتج عنه الطفل المستقرّ المستقيم، الحريص على الخير، الذي يستطيع أن يُنجز في هذه الحياة، يستقبل الحياة بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربّنا المجيد.

والراعي الذي ولَّاه الله أمر رعية الطفل ينبغي أن يتعلّم الطريقة التي يُربّي بها، وليس من طرائق التربية الصحيحة العنف مع هؤلاء الصغار، فإنه قد يُصيب الطفل بالتأتأة، والتبوّل في نومه، والأمراض الجسمية والنفسية (نفسوجسدية) كما تُسمَّى، وكذلك يُصيبه بالملل وبالخوف وبالاضطراب.

فإذا فقد الطفل الأمان في بيته وفقده في مدرسته بعدوان إخوانه الكبار أو بعدوان زملائه الطلاب أو وجد العنف أيضًا من المعلِّم - وهذا يُسمَّى تنمُّر - فإن هذا له آثار خطيرة على الطفل، يتردى على إثرها مستوى الطالب، ولعله يرفض طعامه ويرفض شرابه، وقد يرفض مدرسته.

والمعلِّم ينبغي أن يكون في مقام الأب، ولا شك أنه قد يحتاج المعلّم إلى شيء من الحزم من أجل أن يُدرّس ويُعلِّم، ولكن ينبغي أن يكون في كل ذلك مراعيًا طفولة الأطفال، وقصور عقلهم، وحاجتهم إلى المربي اللطيف، الذي يجتهد في تجنّب العنف وفي تربيتهم على الوضوح، وفي غرس قيم التعاون والخير في نفوسهم.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقرّ أعيننا بصلاح الأبناء والبنات، وأن يُجنبنا القسوة عليهم، ومن المهم أيضًا أن نُبعدهم عن مشاهدة الأشياء التي فيها عنف في مواقع التواصل، فإن ذلك يزيد الأمر سوءًا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وصلاح الأبناء والذريّة.

www.islamweb.net