علاقة الصداقة بيني وبين شاب أجنبي عني..هل تمنع توفيق الله عني؟

2025-12-10 00:14:29 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

تعرفت على شاب منذ أكثر من عام عبر الإنترنت، ونحن من بلاد مختلفة، وقت التعارف اتفقنا على أن تكون علاقتنا صداقة لا أكثر، وما زلنا مستمرين في ذلك حتى الآن.

حديثنا دائمًا يكون في إطار المزاح، ولا أذكر أننا تحدثنا بجدية من قبل، مع العلم أنه لم يرَ صورة لي أو يسمع صوتي من قبل، لكنني رأيته وسمعت صوته.

عرفت منذ فترة أن الكلام مع أجنبي حرام، وحاولت كثيرًا الابتعاد عنه وعدم التحدث معه لفترات لا تتعدى الشهرين، لكن في كل مرة كان يعود للحديث معي مرة أخرى، حتى وصل بي الأمر إلى افتعال المشاكل لأتفه الأسباب، فيعود بعدها للحديث معي وكأن شيئًا لم يكن، استسلمت للأمر الواقع واستمررت في الحديث معه، لكنني قللت مدة حديثنا، فبدل أن يكون يوميًا أصبح لا يتعدى عشر دقائق كل أسبوع.

المشكلة: أنا أدرس في المرحلة الأخيرة من الثانوية وهو أيضًا كذلك، هل حديثي معه يمنع توفيق الله لي؟ فأنا من الطالبات المتفوقات ودائمًا أكون من الأوائل على مستوى مدرستي والإدارة التعليمية، هل سيعاقبني الله على فعلي هذا أيام امتحاناتي؟ وهل لن أدخل كلية أحلامي بسبب عدم توفيق الله لي؟ أعلم أنه يجب أن أظن بالله خيرًا، وأنه سيحقق لي مرادي، لكن هل يجب أن أقطع علاقتي مع هذا الشاب تمامًا؟

وشكرًا

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، مرحبًا بالمتفوقة التي أنعم الله عليها بنعم كثيرة، نُذكِّرك بداية بأن شكر النعم تكون بطاعة الـمُنعم، وأن للمعاصي شؤمها وثمارها المرة.

هذه المخالفة -أو غيرها من المخالفات- تُؤثِّر على الإنسان، وتُؤثِّر على ذكائه والتوفيق الذي له في الحياة، فعليكِ أن تعجلي بالتوبة، والتوبة تجب ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، والنصح بالبعد عن المعاصي عند أهل العلم أمرٌ في غاية الأهمية، ولذلك قال الإمام مالك للشافعي لما رأى عنده الذكاء: "إني أرى على قلبك نورًا فلا تطفئه بظلمة المعصية"، وأنشد الشافعي:
شَكَوتُ إِلى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي *** فَأرشَدني إِلى تَركِ المَعاصِي
وأخبرني بِأنَّ العلمَ نورٌ *** ونورُ اللّهِ لا يُهدى لِعاصِي

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "كنا نحدث أن الذنوب تُنسي العلم" أو قال: «إني لأحسب الرجل يُنَسَّى العلم تعلَّمه بالخطيئة يعملها»، فالخطايا تؤثر على كسب الإنسان ونجاحه العلمي والعملي، وكسب العلم رزق، وصح عن النبي ﷺ أنه قال: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمَ الرِّزقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبه)، والله تعالى يقول: {وَاتْقُوا الله وَيُعلِّمُكُمُ الله}؛ ولأن هذا الذي يحدث أصلًا لا يجوز من الناحية الشرعية، وسيكون له ما بعده من الآثار والأضرار؛ لذلك من مصلحتك ومصلحة الشاب أن تتوقفا فورًا عن هذه المكالمات، التي غالبًا لن تُوصل إلى شيء، ولن توصل إلى الزواج، لبُعد المكان، وأهلك قد يرفضون، أو أهله قد يرفضون، وأنت لست في حاجة لهذا، وعندما يحين الوقت سيأتي مَن يطرق عليك الباب.

والإسلام والشريعة تريد للفتاة أن تكون مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، وتريد لمن يريدها أن يطرق باب أهلها، ويقابل أهلها الكرام، ويتعرف عليهم، ويتعرفوا عليه، بغير هذا تُعتبر الفتاة التي تُقدِّم تنازلات هي أول من تلحق الضرر بنفسها.

لذلك أنت ملزومة أن تتوقفي عن هذه المعصية وعن غيرها من المخالفات؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.

واعلمي أن ربنا العظيم يسامح ويسامح ويسامح، لكن إذا تمادى الإنسان على المعصية؛ فقد يفضحه، ويهتك ستره، وقد يُحال بينه وبين التوبة – عياذًا بالله – إذا جاهر بالمعاصي واستمرأها واستمر فيها، وبارز الله تبارك وتعالى بالعصيان.

ونحيي هذا الشعور الذي دفعك لكتابة هذا السؤال، وعليه أرجو أن تحولي الكلمات إلى توبة نصوح، ونبشرك بأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، ونبشرك أيضًا بأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، ونبشرك بأن التوبة من الحسنات، والحسنات يُذهبن السيئات.

لذلك أرجو أن تُعجلي بالتوبة، ليس لأجل الاختبارات، ولا لأجل التفوق، ولكن لأن هذا أمر لا يُرضي الله -تبارك وتعالى-، وله أيضًا أثر وتأثير سلبي على كل نجاحات الإنسان، سواء كان في المجال العلمي أو في الحياة، وحتى في الحياة الزوجية الأسرية، يعني: لو قدَّر الله لكِ أن تتزوجي بهذا الشاب أو بغيره، فإن هذه المعاصي ما لم تتوبي منها ستكون لها آثار حتى لو حصل الزواج؛ فلذلك المعاصي لها شؤمها، ولها ثمارها المرة.

فلا تستعجلي مثل هذه المكالمات ومثل هذه العلاقات مع الشباب، واحرصي على دراستك وعبادتك لربك، وأظهري ما عندك من صفات جميلة وهبك الله من جمال بين جمهور النساء، واعلمي أن لكل امرأة منهنَّ ابن يبحث عن مثلك، أو أخ يبحث عن مثلك، أو خال أو عمّ يبحث عن مثلك من الفاضلات.

وعندما يطرق هؤلاء الأبواب لا تقبلي إلَّا بصاحب الدين؛ لأن النبي ﷺ يقول: (إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ).

وأرجو أن يؤجل هذا لوقته المناسب، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين من يُسعدك وتُسعدينه، وبين من يُعينك على الطاعة وتُعينينه على الخير، وأن يوفقك للنجاح والفلاح، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

www.islamweb.net