البحث في الشمائل المحمدية ومجموعة المؤلفات التي يمكن الاستفادة منها في ذلك

2006-09-24 11:25:23 | إسلام ويب

السؤال:
الحمد لله وحده، والصلاة على من لا نبي بعده، وبعد:
فيا مشايخنا الأفاضل، حياكم الله وسدد خطاكم وجعل الفردوس الأعلى مثواكم!

أنا ابنكم البار أبو مالك، أطلب استشارة في إعداد رسالة للدكتوراه بعنوان: مرويات الشمائل المحمدية في طبقات ابن سعد الزهري - جمع ودراسة.

ولدي بعض الأسئلة حول الموضوع وهي:
1- ما هو الحد المعرف للشمائل?
2- تقنيات إعداد الرسالة?
3- أسهل الطرق لتحقيق الروايات?
4- المصادر المعتمدة في إعداد هذه الرسالة?
5- هل سبق حسب علمكم أن أحداً من الباحثين تناول نفس موضوعي?

أرجو منكم التفضل بالإجابة عن موضوعي، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abo malik حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحديث عن شمائل من أدبه ربه فأحسن تأديبه لا تدرك العقول مداه، ولا تستطيع الأقلام أن تبلغ أقصاه، ولا عجب فإن خصال الخير احتشدت في رسولنا صلى الله عليه وسلم، حتى مدحه العظيم فاستغنى بمدحه سبحانه عن مدح المادحين، وقال في كتابه المبين: ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [القلم:4]^.

قد اقتضت حكمة العليم سبحانه أن ينقل لنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم من الألف إلى الياء، لا والله ما نسي الرواة أن يتكلموا عن حبة العرق وهي تنحدر من عاتقه، ولا عدد الشعرات البيضاء في رأسه، وما فات عليهم أن يشيروا إلى أطراف أسنانه حين يبتسم، ولا قطعة الدم وهي تتحرك في وجنتيه لتدل على عدم رضاه.

أجل، لقد وصفوا شكله وبينوا أكله وشربه ومشيته وثيابه، بل إن حياته الخاصة جداً قيض الله لها عددا من الطاهرات، ووضعهن في طريق نبيه صلى الله عليه وسلم، واقتضت حكمة الله أن يكن عددا من النساء حتى لا يضيع شيئاً من أخلاقه وحياته فإن نسيت الأولى تذكرت الثانية.

قد ذكر العلماء الفضلاء أن أكمل صور التأسي لا توجد إلا في رسولنا خاتم الأنبياء، وذلك لأن الإنسان يقتدي بنبي الله عيسى عليه السلام زوجاً، ولا يستطيع أن يتأسى بنبي الله سليمان عليه السلام فقيراً، ولا يمكن أن يتأسى بنبي الله يحيى عليه السلام جداً، ولكن يمكن أن يتأسى به عفيفاً حصوراً طاهراً، ونبي الله سليمان ملكاً غنياً، لكن الأمر بالنسبة لرسولنا صلى الله عليه وسلم يختلف فيمكن أن يغترف من هديه الغني والفقير، والأمير والمأمور، والمحصن والأعزب، والمسافر والمقيم، قال تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [الأحزاب:21].
أما بالنسبة لكلمة الشمائل من الناحية اللغوية، فقد جاء في مختار الصحاح أن كلمة شمال تعني الأخلاق، قال: وجمعها شمائل وهو جمع على غير قياس.

أول من ألف وأفاد في هذا الجانب الإمام الترمذي رحمة الله عليه، حيث ألف كتاباً أفرد فيه شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبين في مؤلفه الجليل (الصفات المحمدية) الكاملة في خلقته الجسدية البدنية، وأخلاقه وشمائله الكريمة، وهذا حدٌ معروف للمعهود بالشمائل، وكتب الله لكتاب الترمذي القبول، فقام بشرحه وبيان ما فيه الجهابذة.

في الشروحات المهمة لكتاب الشمائل شرح السيوطي، وعلي القاري، والمنادي، وقاسم جسوس، والباجوري الفقيه الشافعي، كما ألف في الشمائل الإمام البغوي كتابه الأنوار في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، كما ألف الإمام ابن كثير كتابه القيم شمائل الأنوار في النبي المختار، كما ألف ابن كثير كتابه القيم شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن الكتب المذكورة أعلاه من الأهمية بمكان لكل دارس وباحث.

قد خدمت شمائل الترمذي تحقيقاً وشرحاً، فقام بتحقيقها الشيخ الدعاش كما قام بتحقيقها الشيخ الألباني، رحمة الله على الجميع.

لا شك أن كل الكتب المذكورة سوف تعينك على تحقيق نصوص الشمائل في طبقات ابن سعد، فالنصوص هي النصوص في الغالب ولذلك فإن الاطلاع على النسج المحددة يعينك في عملية التحقيق، ولا يخفى على أمثالك أن كتب السنة أيضاً فيها أبواب في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أظن أن في المهمة صعوبة فقد جئنا في وقت أصبحت السنة الصحيحة المنقحة في متناول الأيدي وسوف تكون مهمتك هي مقابلة النصوص، ومما يعينك على ذلك الوقوف على مشاريع تصحيح نصوص السيرة والتاريخ التي تقوم بها بعض الجامعات، والبحث الناجح هو ما جاء بعد اطلاع واسع ونظر متأن، واستطاع الباحث أن يضيف به جديداً أو يكشف غامضاً، أو يوضح منهجاً أو يختصر مطولاً وتظهر فيه شخصية الباحث في الترجيح والاختبار.

أرجو أن أفيدكم بأنه حسب علمي أن هذا الموضوع لم يبحث، ولكني أنصحك باستشارات الأساتذة العاملين في الميدان الجامعي فهم أدرى من غيرهم، ويمكنك إرسال رسائل إلى الدراسات العليا في جامعاتنا الإسلامية.

نسأل الله أن يوفقك وأن ينفع بك البلاد والعباد.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net