ماهية مرض الفصام وأعراضه وعلاجه؟

2006-12-06 13:18:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم..

ما هو مرض الفصام؟ وما هي أعراضه؟ وما هي الأدوية المستخدمة في علاجه؟ وكيفية التعامل مع مريض الفصام؟



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرض الفصام هو واحد من الأمراض العقلية أو الذُّهانية الرئيسية، وقد سمَّاه بهذا الاسم عام 1911م العالِم الألماني (يوجن بوليرر)، أما وصفه فيرجع الفضل فيه إلى العالِم الألماني (إيميل كيليبرن) وقد وصفه عام 1896م.

كما ذكرت لك هو مرض رئيسي من الأمراض الذّهانية الأساسية، والناس تشيع أن فيه انفصاما في الشخصية أو انشطار في الشخصية، وهذا ليس صحيحاً، والانشطار أو الانفصال يحدث في الأفكار وارتباط الإنسان بالواقع، والفصام يصيب حوالي 1% من الناس، وتختلف الإحصاءات من بلد إلى بلد قليلاً، ولكن هذا هو الرقم التقديري، وقد يقل في بعض البلاد عن هذا التقدير.

هو يصيب جميع الأعمار ولكنه أكثر شيوعاً في عمر 15 إلى 30 سنة، وهو من الأمراض التي تؤدي إلى تفتت الشخصية لدرجة كبيرة، ولكن هنالك أنواع منه تعتبر أفضل من غيرها فيما يخص التقدم العلاجي.

ينقسم الفصام إلى عدة أقسام، منها: الفصام البسيط، وما يعرف بالفصام الهيبفريني وهو أسوأ الأنواع، حيث يتميز بتطاير الأفكار وتشتتها، ووجود هلاوس، كما أن الشخصية تتدهور ويكون المريض يعيش في عالَم خاص به مبتعداً عن الواقع وعن الحقيقة ولا يستطيع التواصل مع الآخرين بصورة جيدة، وهذا هو النوع من الفصام الذي يعتبر أقل استجابة للعلاج، وبكل أسف يصيب الناس في أعمار صغيرة مما يتيح لهم فرصة التعليم أو اكتساب المهارات الاجتماعية، والتي تعتبر واحدة من العوامل التي تدفع بالمرض بعيداً من الإنسان.

وهنالك نوع آخر يعرف بالفصام الكتاتوني، أو الفصام التخشبي، وهذا من الأنواع الجيدة، بمعنى أن المريض يستجيب أيضاً بصورة ممتازة للعلاج.

وهنالك نوع آخر يعرف باسم الفصام الباروني أو الفصام الاضطهادي، وفيه يكون الإنسان كثير الظنون والشكوك، ويعتقد أنه سوف يُساء إليه، أو أن هنالك مؤامرة تُحاك ضده أو أنه مُتابع... وهكذا.

ومعظم هؤلاء المرضى يعانون أيضاً من هلاوس سمعية، وفي بعض الأحيان تكون هلاوس نظرية أيضاً.
وهنالك أنواع نادرة من الفصام منها الفصام غير المنتظم، ومنها الفصام الوجداني، ومنها الفصام العصابي، وهي أنواع اختلف العلماء في كيفية تقسيمها، ولكن الأربعة أنواع الأولى هي الأنواع الأساسية.

إذن هو مرض عقلي يؤثر على الأفكار، يؤثر على الوجدان، ويؤثر على الشخصية، ويؤثر على أداء الوظائف الاجتماعية، ولكن يتفاوت من إنسان لإنسان، فهذا المرض إذا أصاب الإنسان في سن متقدم نسبيّاً، فإن شاء الله تكون نتيجة العلاج فعّالة جدّاً، ويمكن للإنسان أن يعيش حياة طبيعية، ونحن نعرف أن حاولي 30 إلى 40% من مرضى الفصام يمكن أن يشفوا تماماً من مرضهم، وهذا بفضل الله تعالى نسبة عالية جدّاً بمقاييس الطب النفسي.

وهنالك أيضاً حوالي 20 إلى 30% يمكن أن يعيشون حياة طبيعية.
أما الـ 20% الأخيرة فاستجابتهم للعلاج تعتبر ضعيفة جدّاً، وربما تدهورت أحوالهم بصورة أشد.

المرض حسن العواقب نسبيّاً بالنسبة للإناث، وكما ذكرت إذا أتى المرض في عمر متقدم.

هنالك الكثير من الأدوية ومتعددة لعلاج هذا المرض، وهي تقسم إلى عدة مجموعات يمكن أن نجملها في المجموعة القديمة والمجموعة الجديدة، هذه الأدوية كلها تعمل على مواد معينة في المخ، منها مادة الدوبامين ومادة السيرتونين، المجموعة القديمة هي مجموعة فعّالة وممتازة جدّاً، ولكنها كثيرة الآثار الجانبية، فقد تؤدي إلى نوع من الرعشة أو الشعور بالشد في العضلات، ويكون الإنسان متخشباً، وتصعب حركته، ولكن هنالك أدوية مضادة تعطى لهؤلاء المرضى، من هذه الأدوية التي تستعمل في علاج الفصام – الأدوية القديمة – عقار يعرف باسم استلازين، وآخر يعرف باسم لارجاكتيل Laragactil.

أما المجموعات الجديدة منها عقار يعرف باسم أولانزبين وآخر يعرف باسم رزبريدون وآخر يعرف باسم سيروكويل، وهنالك أيضاً أدوية الآن في طور البحث ونسأل الله أن يجعل فيها فائدة كثيرة للناس.

مشكلة مرضى الفصام أنهم لا يتعاونون في تناول الأدوية في بعض الأحيان، لا أقول جميعهم ولكن بعضهم، وهنا لابد أن يحتم على المريض في تناول الدواء، لابد أن يُشجَّع، لابد أن يراقب، وبالتشجيع والمراقبة وإشعاره بأنه له اعتباره وعدم الإساءة إليه بأي حال من الأحوال، هذا يشجعهم على تناول الأدوية.

المرضى الذين يفشلون تماماً في تناول الأدوية أو يرفضونها يعطى لهم نوع من الإبر (الحقن) الشهرية أو تعطى كل أسبوعين أو كل ثلاثة أسابيع – حسب نوع الإبر وحسب نوع المرض – وهذه الإبر تعتبر أيضاً من المستحدثات الجيدة جدّاً.
هنالك بعض المرضى ربما يحتاجون إلى جلسات كهربائية، خاصة حين يكون المرض حاد جدّاً، خاصة الفصام الظناني أو الباروني وكذلك الفصام التخشبي؛ فهي تستجيب بصورة ممتازة جدّاً للجلسات الكهربائية.

لابد للمريض أن ينتقل من مرحلة العلاج المكثف إلى العلاج المستمر ثم العلاج الوقائي.

المدارس الطبية النفسية الحديثة المعتبرة ترى أن علاج الفصام يجب أن يكون طول الحياة، نحن لا نقول ذلك للمرضى، ولكن بعد أن نقوم بفحصهم والتواصل معهم نتحاور معهم، والكثير منهم يقتنع خاصة حين يعرف أن هذا المرض أصبح الآن مثل مرض السكر أو مرض الضغط، حيث أن لديه أسساً بيولوجية أو أسساً كيمائية.

التعامل مع هؤلاء المرضى – شفاهم الله – يكون عن طريق اعتبارهم وإظهار المودة واللطف نحوهم، وألا نسحب الدور الاجتماعي الذي كانوا يتمتعون به، الزوج يجب أن يظل زوجاً، والأخ يجب أن يظل أخاً، وهكذا، لا نعاملهم كمعاقين، يجب أن نشجعهم على أداء أعمالهم، يجب أن نشجعهم على التواصل الاجتماعي، خاصة أن هنالك نوعا من أعراض الفصام (الأعراض السلبية) والتي يكون فيها المريض منزوياً ومنسحباً وغير متفاعلاً وجدانيّاً، ويجد الصعوبة جدّاً في بداية أي عمل.

هذا النوع لابد أن نشجعه، ولابد أن نؤهله، وهنالك مراكز في المستشفيات المتطورة توجد لتأهيل هؤلاء المرضى عن طريق ما يعرف باسم (العلاج بالعمل).

إذن: فمرض الفصام يمكن علاجه، والحمد لله الآن أصبحت كثير من الحالات تستفيد جدّاً، خاصة المرضى الذين يلتزمون بتناول العلاج، والفصام ليس معروف الأسباب، ولكن هنالك ميول لأن يحدث هذا المرض عند بعض الأسر، لا نقول إن هنالك دوراً كبيراً للوراثة، ولكن ربما يكون هنالك نوع من الاستعداد الوراثي للمرض إذا توفرت الظروف الأخرى لحدوثه، ومنها إصابات الرأس المبكرة، والمشاكل الطبية التي ربما تحدث في أثناء الولادة، وربما يكون هنالك نوع من الفيروسات أيضاً، والضغوط الحياتية الشديدة ربما تكون أيضاً سبباً، لكن لابد أن يكون للإنسان في الأصل الاستعداد للإصابة بهذا المرض.

نسأل الله أن يشفي ويعافي الجميع، وبارك الله فيك.

وبالله التوفيق.


www.islamweb.net