التقارب بين صديقتين.. الجائز والممنوع

2008-05-19 09:59:46 | إسلام ويب

السؤال:
لي صديقة مقربة جداً لي وأحبها كثيراً هذا الحب الكبير مصاحب باحترام أكبر منه.

نلتقي دائماً وأحتاج إليها دائماً إلى جانبي، وكثيراً ما أحضنها أو أمسك يدها، لأني أشعر بالأمان والراحة معها لا غير.

وأقسم بالله العظيم أني لا أريد أكثر من هذا. ولأني أحب الله أكثر وأني أكره غضبه علي، وأبغض الحرام.

لذا أرجوكم أن تجيبوني على هذا السؤال: هل إذا كنت أرتاح في أحضان صديقتي أو كنت ماسكة يدها يعتبر حراماً؟ مع أني فتاة كثيرة الأحزان والمشاكل.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حياة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يملأ قلبك بمحبته، وأن يشرح صدرك للذي هو خير وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يبارك لك في صديقتك هذه، وأن يجعل صداقتك لها ومحبتك لها عوناً لكما على طاعة الله ورضاه.

بخصوص ما ورد برسالتك فإنه – وكما لا يخفى عليك أختي الكريمة حياة – أن الإنسان بطبيعته مجبول على حب العواطف والخير والاحتواء، فكل إنسان منا يشعر في داخله برغبة فيما يغدق عليه قدراً من الاهتمام والحب والتقدير، وهذه فطرة، فالمرأة تحب من زوجها أن يفعل ذلك معها، والابن يحب من أبيه وأمه أن يفعل ذلك معهما، ولذلك نجد أن عملية الرضاع ليست مجرد سحب اللبن من ثدي الأم فقط، وإنما هو نوع من الأمن والأمان في أحضان الأم حيث يشعر الرضيع بأنه متربع على عرش صدرها وحده وأنه وحده من حقه أن يستمتع بهذا الحنان الدافئ وهذا الحضن الدافئ، هذه طبيعة نشأنا عليها منذ الصغر.

وهذه في الإنسان والحيوان معاً، فنجد أن القطة الصغيرة تأوي إلى أمها وتحاول أن تحك جسدها بجسد أمها وأن تتلمسه وأن تحتك به في كل موضع من أبدانها لتشعر بالأمن والأمان وتشعر بنوع من الاحتواء والدفء العاطفي، هذه طبيعة الكائنات الحية، إلا أنه أحياناً قد يكون الواحد منا في داخل بيته وأسرته عاش في أسرة متفاهمة مترابطة والحنان العاطفي فيها يتدفق بقوة وغزارة، فيخرج وهو شبعان من هذه العاطفة لأنه قد غذي بها تغذية مكثفة قوية، ولذلك عندما يكبر يشعر بأنه قد أصبح مشبعاً ومتخماً بهذه العاطفة، وفي تلك الحالة إذا كان طبيعياً فإنه يقوم في توزيع هذه العواطف على زوجته وأولاده ويغدق عليهم بسخاء لأنه تلقى هذه العواطف بسخاء.

إلا أنه أحياناً قد يكون الإنسان منا قد نشأ مثلاً في أسرة أحد طرفيها غائب عن الوجود، كأن يوجد مثلاً في أسرة وأبوه غير موجود إما أنه متوفى أو مطلق أمه أو قد تكون الأم نفسها غير موجودة أيضاً، إما متوفاة أو مريضة أو مطلقة، فينشأ وهو على قدر من الحرمان العاطفي.

هذا دائماً يحتاج إلى أحد يحتويه ويحتاج إلى من يضمه إلى صدره، يحتاج إلى أن يشعر بالأمن والأمان في أحضان غيره، ولذلك إذا ما تزوجت هذه الفتاة أو تلك المرأة فإنها تأوي إلى زوجها بشدة وتعتمد عليه بقوة وتعتبره ملاذها الأكبر والأخير بعد الله جل جلاله سبحانه، وكما أني فهمت أنك الآن لست متزوجة فإن شعورك بعاطفة صديقتك وارتمائك في أحضانها هذا أمر طبيعي، لأني أتصور أن هناك نوعاً من الشعور بالجوع العاطفي لا تشعرين بالأمن والأمان والدفء إلا من خلالها، خاصة وأنها فتاة مثلك وأنها صديقتك وأنك تحبينها حباً شديداً.

فهذا أمر طبيعي، أمر طبيعي جدّاً أن يبحث الإنسان عمَّن يغذي هذه العاطفة فيه، ومادامت وفق الضوابط الشرعية خاصة بأنكما كلاكما من عالم النساء فالمرأة تأوي إلى المرأة وفق الضوابط الشرعية بلا تعري وبلا تشهي؛ لأن هذا الأمر قد ينقلب من خير إلى شر إذا دخلت فيه الشهوة والرغبة الجنسية؛ لأنه - كما لا يخفى عليك – أن هناك من النساء من تستمتع ببعضهنَّ، كما أن هناك من الرجال من يفعل ذلك، الأصل أن هذه العاطفة تكون من الوالدين إلى الأبناء، وتكون من الزوجة إلى زوجها، وتكون من الزوج إلى زوجته، هذا أصلها، هذه العاطفة الجياشة القوية، أما أن أستمدها من صديق أو صديقة فهنا تأتي المصائب، إذا كانت مجرد تصرفات بالصفة التي وردت في رسالتك فهذا أمر لا شيء فيه، أما إن كان هناك شعور بشهوة أو رغبة جنسية من أحد الطرفين؛ لأنك قد تكونين تفعلين ذلك برغبتك في الأمن والاحتواء ولكن قد يكون الطرف الآخر يشعر بنوع من التشهي والتلذذ الجنسي، فلو حدث هذا فهذا شذوذ.

أما مجرد هذه الصورة الموجودة في رسالتك فهذه لا شيء فيها مادامت لم تتجاوز هذه الحدود، ويُخشى منها أنها إن زادت عن هذا الحد أن تنقلب إلى ضدها، أما ما استمرت على هذا المستوى فأبشرك بأنه ليس هناك شيء؛ لأن هذه طبيعة – كما ذكرت – خاصة وأن الشخص قد يكون صغيراً لم يأخذ القدر الكافي من هذه العواطف، فمهما تقدم به السن يشعر بالرغبة في الاحتواء، ويشعر بالرغبة في حاجته إلى من يضمه إلى صدره ومن يرتمي بين أحضانه، فإذا كان الزوج لطيفاً خلوقاً حنوناً عوض المرأة عن أمها وعن أبيها وعن كل الخلق، فهي لا تشعر إلا بالراحة بين ذراعية، ولذلك بعض النساء لا تنام الليل إذا كان زوجها بعيداً عنها لأنها تعودت أن تنام في حضنه وأحياناً تتوسد ذراعه لتنام على يده.

كما لو كانت طفلة صغيرة تنام على يد أبيها، فإذا ما غاب عنها فإنها لا تتمكن من النوم مطلقاً لأنها ألِفت هذا الشيء، أعود فأقول: إن هذا الذي ذكرته إذا كان بعيداً عن التشهي والرغبة الجنسية أو الإثارة فهو لا شيء فيه، وهو أمر طبيعي وسيستمر هذا حتى تكرمين بزوج صالح لطيف حنون يعوضك عن ذلك، ولن تشعري بعد ذلك بالحاجة إلى مثل هذا الحضن من صديقتك أو غيرها.

أتمنى لك التوفيق والسداد وأرجو أن تنتبهي لهذه المسألة حتى لا تفسدي دينك بهذا الأمر الذي نحن في غنىً عنه. أسأل الله لك التوفيق وأسأل الله أن يبارك في صديقتك وأن يرزقك صدراً دافئاً وزوجاً حنوناً يعوضك خيراً عمَّا تحتاجينه من هذه العاطفة التي قد تكونين ما أخذت قدراً منها وافياً في مقدمة حياتك وترغبين في استمرارها. اسأل الله لك التوفيق والسداد والستر في الدنيا والآخرة وأن يمنَّ عليك بزوج صالح حنون لطيف يعوضك عن ذلك كله.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net