الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مظاهر ربانية الإسلام وشموليته

السؤال

ما هي مظاهر الشمولية والربانية في الدين الاسلامي الحنيف؟ مع ذكر الآيات الدالة على ذلك، ومظاهر الشمول، أو الربانية فيه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فربانية الإسلام وشموليته، قد علمهما القاصي والداني، وشهد بهما الصديق والعدو، فهو يشمل كل جانب من جوانب التكوين، والبناء، والإصلاح، وكل ناحية من نواحي المجتمع، والحياة، سواء ما يتعلق بالعقائد، والعبادات، والأخلاق، أم ما يتعلق بالقوانين العامة من مسائل مدنية، وأمور جنائية، وأحوال شخصية، ونظم اجتماعية، وعلاقات دولية…، أو ما يتعلق بأسس الحكم، ومبادئ الاقتصاد، وأصول المعاملات، وركائز المجتمع الفاضل...

جاء كل ذلك في مبادئ دقيقة محكمة، وفي تشريعات ربانية خالدة، تجمع ولا تفرق، وتؤلف ولا تبدد، وتبني ولا تهدم، تنزيل من حكيم حميد.

ونوضح خاصية الشمول والربانية بالأمثلة، ونقتصر على المسائل المدنية، والاقتصادية، والدستورية، والقوانين الجنائية، والعلاقات الدولية؛ باعتبار أن هذه الأمور تأخذ اهتمام المقننين في العصر الحديث، ويعتبرونها أساس أنظمة الحياة:

ففي القضايا المدنية، والاقتصادية، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ … وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ {البقرة:283}، وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ {البقرة:283}

وفي القضايا الدستورية، يقول الله تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ {الشورى:38}

وفي المسائل القضائية، يقول جل جلاله: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ {النساء:58}.

وفي العقوبات الجنائية، يقول عز من قائل: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ {البقرة:178}.

وفي الإعداد الحربي، يقول القرآن الكريم: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ {الأنفال:60}.

وفي العلاقات الدولية، يقول جل من قائل: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}.

يقول العلامة الكبير "ساتيلانا": إن في الفقه الإسلامي ما يكفي المسلمين في تشريعهم، إن لم نقل ما يكفي الإنسانية كلها.

ويقول الدكتور "هوكنج" أستاذ الفلسفة في جامعة "هارفارد": إن في نظام الإسلام استعدادًا داخليًّا للنمو، وإني أشعر بأني على حق حين أقرر أن الشريعة الإسلامية تحتوي بوفرة على جميع المبادئ اللازمة للنهوض.

ويقول القانوني الكبير "فمبري": إن فقه الإسلام واسع، إلى درجة أنني أعجب كل العجب كلما فكرت في أنكم لم تستنبطوا منه الأنظمة، والأحكام الموافقة لزمانكم، ومكانكم...

وهذه الشهادة على شمولية الإسلام، ومبادئه الحية الباقية هي شهادة أساطين الفقه، والقانون في العالم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني