الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ايضاح حول صور مستثناة من قاعدة: الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد

السؤال

أرجو شرحاً مبسطاً للصور الأربعة المستثناة من قاعدة الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد في الأشباه والنظائر للسيوطى أو تدلونى على شرح مقروء أو مسموع للكتاب ونص هذه القواعد اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْقَاعِدَةِ صُوَرٌ: الْأُولَى: لِلْإِمَامِ الْحِمَى وَلَوْ أَرَادَ مَنْ بَعْدَهُ نَقْضَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحّ لِأَنَّهُ لِلْمَصْلَحَةِ وَقَدْ تَتَغَيَّرُ وَمَنَعَ الْإِمَامُ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَالَ لَيْسَ مَأْخَذُ التَّجْوِيزِ هَذَا وَلَكِنَّ حِمَى الْأَوَّلِ كَانَ لِلْمَصْلَحَةِ وَهِيَ الْمُتَّبَعُ فِي كُلّ عَصْرٍ.الثَّانِيَةُ: لَوْ قَسَمَ فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِغَلَطِ الْقَاسِمِ أَوْ حَيْفِهِ نَقَضَتْ مَعَ أَنَّ الْقَاسِمَ قَسَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَنَقَضَ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِ مِثْلِهِ وَالْمَشْهُود بِهِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ مُشْكِلٌ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ لِذَلِكَ.الثَّالِثَةُ: إذَا قَوَّمَ الْمُقَوِّمُونَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى صِفَةِ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ بَطَل تَقْوِيمُ الْأَوَّل لَكِنَّ هَذَا يُشْبِهُ نَقْضَ الِاجْتِهَادِ بِالنَّصِّ لَا بِالِاجْتِهَادِ.الرَّابِعَةُ: لَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَصَارَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَامَ الدَّاخِلُ بَيِّنَةً حُكِمَ لَهُ بِهَا وَنُقِضَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَضَى لِلْخَارِجِ لِعَدَمِ حُجَّةِ صَاحِبِ الْيَدِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: فِي الْإِشْرَافِ.قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: أَشْكَلَتْ عَلَيَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُنْذُ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، لِمَا فِيهَا مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ، وَتَرَدَّدَ جَوَابِي، ثُمَّ اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقوله: للإمام الحمى ولو أراد من بعده نقضه فله ذلك في الأصح لأنه للمصلحة وقد تتغير ومنع الإمام الاستثناء، وقال: ليس مأخذ التجويز هذا ولكن حمى الأول كان للمصلحة وهي المتبع في كل عصر..

يعني: أن إمام المسلمين له أن يحمي موضعاً من الأرض لمصالح المسلمين العامة، كماشية الصدقة والخيل التي يحمل عليها، ونحو ذلك... ولو عزل أو توفي وأراد من يأتي بعده نقض ذلك الحمى فله أن يفعل ذلك، ويرى الإمام أن هذا ليس من نقض الاجتهاد بالاجتهاد، وإنما هو عمل بالمصلحة التي يجب المصير معها أينما وجدت.

وقوله: لو قسم في قسمة إجبار ثم قامت بينة بغلط القاسم أو حيفه نقضت، مع أن القاسم قسم باجتهاد، فنقض القسمة بقول مثله -والمشهود به مجتهد فيه- مشكل، وقد استشكله صاحب المطلب لذلك..

يعني: أن القاسم في قسمة الإجبار -وهي قسمة القرعة- إذا قامت بينة بأنه غلط في القسمة أو جار، بأن قوم المسائل المقسومة بقيم مخالفة لقيمها الحقيقية، فإن القسمة تنقض لتصحح، مع أن التقويم الأول كان باجتهاد والتقويم الثاني باجتهاد، وقد استشكل هذا صاحب المطلب.

وقوله: إذا قوم المقومون ثم اطلع على صفة زيادة أو نقص بطل تقويم الأول لكن هذا يشبه نقض الاجتهاد بالنص لا بالاجتهاد..

يعني أنه إذا قُوم شيء ثم اطلع بعد التقويم على صفات يمكن أن تزيد في قيمته أو تنقص منها لو أخذت في الاعتبار، فإن التقويم الأول ينقض، وذكر أن هذا يشبه نقض الاجتهاد بالنص، لا بالاجتهاد.

وقوله: لو أقام الخارج بينة وحكم له بها وصارت الدار في يده، ثم أقام الداخل بينة حكم له بها ونقض الحكم الأول، لأنه إنما قضى للخارج لعدم حجة صاحب اليد هذا هو الأصح في الرافعي. وقال الهروي: في الإشراف: قال القاضي حسين: أشكلت علي هذه المسألة منذ نيف وعشرين سنة، لما فيها من نقض الاجتهاد بالاجتهاد، وتردد جوابي، ثم استقر رأيي على أنه لا ينقض...

يعني: أنه إذا تنازع اثنان في دار، وكان أحدهما ساكناً لها والآخر مقيماً في غيرها، وأقام المقيم خارجها بينة، وحكم له القاضي بها بمقتضى شهادة بينته، ثم بعد ذلك أقام خصمه بينة على ملكها، فإن الحكم الأول ينقض، ويحكم بها للذي كان يسكنها، لأنه إنما حكم بها أولاً لغيره لأنه هو لم يأت بحجة، وأما إذا جاء ببينة فإن البينتين تتساقطان ويترجح قول الداخل بكون الدار تحت يده، وبين أن هذه المسألة محل خلاف بين الرافعي والقاضي حسين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني