الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد بالعيب على البائع

السؤال

أعمل في مؤسسة تجارية تونسية تقوم ببيع الجرارات وآلات البناء -في قسم الضمانات، تتمثل مهمتي في الإرسال إلى المزود- من بريطانيا، وتركيا، وطلبات دفع نقود تغيير قطع غيار للحرفاء في فترة الضمان -الفترة تمتد إلى سنة- ولكي يتم قبول هذه الطلبات -طلبات استرجاع نقود تغيير قطع غيار للحرفاء في فترة الضمان من المزود- يشترط المزود الأجنبي أن تكون هذه قطع غيار قد تم شراؤها من عنده-، وللأسف أحيانًا هناك بعض قطع الغيار لم يتم شراؤها من عند المزود؛ نظرًا لعدة أسباب، والسبب الرئيسي هو غلاء سعرها، فتقوم المؤسسة بشراء هذه القطعة من السوق المحلية، ويطلب مني مجلس الإدارة الإرسال إلى المزود بطلب دفع نقود تغيير قطع غيار أخرى، فأقوم باختيار قطع غيار تم شراؤها من عند المزود، وثمنها يساوي هذه القطعة المشتراة من السوق المحلية، ولكن في الحقيقة لم يتم تغييرها للحريف.
وأحيانًا أيضًا قد أجبر على تغيير فترة عطب الجرار أو عدد ساعات عمله، ليتم قبول طلبات دفع نقود تغيير قطع غيار للحرفاء في فترة الضمان من قبل المزود.
فما حكم عملي؟ مع العلم أن ليس لي سواه، وأنا بين الحين والآخر أبحث عن عمل آخر، مع العلم أني في هذا العمل محافظ على صلاة الجماعة، وأخاف ألا أجد عملًا آخر بسهولة أستطيع فيه تطبيق شعائر ديني.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا العمل الذي تقوم به من طلب نقود تغيير قطع غيار للحرفاء من المزود وأنت لم تشترها من عنده، لا يجوز؛ لمخالفته شرطه، ولأن الرد بالعيب إنما يكون على البائع وهو ليس بائعًا.

كما أن ما تقوم به من تغيير فترة عطب الجرار أو تغيير عدد ساعات عمله، ليتم دفع النقود عن تغيير قطع الغيار، لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل والكذب والغش فقد قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 188}، وقال صلى الله عليه وسلم: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.

وما ذكرته من المحافظة على صلاة الجماعة ينبغي أن يحجزك عن الحرام، فقد قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ {العنكبوت:45}، كما أن عدم توفر عمل آخر ليس مبررًا لخديعة الناس وغشهم.

واعلم أنك إذا اتقيت الله، فسيجعل الله لك مخرجًا، مصداقًا لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. {الطلاق: 2-3}، وقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطَّلاق:4}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني