الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يلزمك الشبكة ونصف الأثاث الذي اشتريته حتى لحظة الطلاق

السؤال

أعتذر عن سؤالي الطويل لكن المشكلة تؤرقني، عقدت زواجي منذ سنتين وأعطيت لزوجتي شبكة واتفقنا على عدم دفع مهر وكتبت قائمة بأثاث اتفقنا على أن أشتريه، تمت الخلوة بيني وبينها وحدث تلاصق وتلامس للأعضاء لكن بدون دخول أو تغييب للحشفة مجرد تلامس للعضوين فقط بدون حائل. بعد ستة أشهر حدثت مشاكل مع زوجتي وعائلتها واتفقنا على الطلاق وبرضا تام على الإبراء على الورق على أن تبقى لها الشبكة وأن تأخذ نصف الأثاث الذي كنت اشتريته حتى هذه اللحظة ولم أكن على علم بحكم الخلوة، تم الطلاق باتفاق تام وشهدت هي أولا أمام الشيخ بعدم حدوث خلوة أو دخول ثم شهدت أنا بالمثل مع إدراكي لحدوث الخلوة ولكني شهدت بذلك لأني لم أحب أن أسبب لها أي أذى لاحقا, لم أكن اعلم ما يترتب على ذلك من حكم, الضغط العصبي الشديد في هذا الوقت.
علمت بعد ذلك بحكم الخلوة وأنه إذا أغلق الرجل الباب على المعقود عليها وأرخى الستر فقد دخل لها المهر وعليها العدة. بعد ذلك رزقني الله بمال وأردت أن أرد لها المال وكان علي أن أبحث عن وسيط دون إخباره بسبب رد هذا المبلغ حيث أن أي اتصال مباشر بأهلها سيترتب عليه مشاكل شديدة. رفض الجميع وأخبروني أنها خطبت وعلى وشك الزواج وأن ذلك سيؤذيها. منذ ذلك الحين عام وأنا في هم شديد حيث أني أرى أن لها مالا علي باقي مهر قمت بتقديره حيث لم نتفق على مهر ولشهادتي الزور حيث أشعر أني أغش كل من يتزوجها بعدي و لا أرى حلا لذلك لما يترتب على إفشاء ذلك من أذى لها لا أرغب به، حيث إن هاتين المشكلتين تجعلاني أحس بأني ظالم مع العلم أنها تزوجت منذ بضعة أشهر وأفشل في كل محاولة جديدة للزواج لإحساسي بذلك و أعيش الآن في دولة أوروبية.
أسئلتي كالتالي:
بحمد الله فقد وفقني الله إلى أخ وافق على أن تقوم زوجته بنقل باقي المهر إلى مطلقتي لم أخبره بالسبب. فقط أخبرته أن لها حقا علي أثناء الاتفاق على تفاصيل العقد لم يكن هناك مقدم للصداق ولكن هناك شبكة ومؤخر وقائمة بالأثاث الذي اتفقنا أن أشتريه أنا. أعلم أن كل هذا من المهر ومن حقها الآن. و لكن القائمة احتوت على 3 أصناف. أشياء كنت راضيا ومعتبرا أنها كمهر لها وأشياء معروف عرفا أنها للزوج كالأجهزة وكتبتها فقط لإرضائهم و لعدم توقع الطلاق و شياء أخرى ليس لها وجود ولم أكن سأشتريها وكتبتها فقط لإرضائهم. هل علي رد ثمن الصنف الأول فقط أم الثلاثة أصناف.
ثم على الرغم من موافقة الأخ الوسيط على أن تقوم زوجته بنقل باقي المهر إلى مطلقتي إلا أنه أخبرني أن ذلك قد يغضب زوجها الحالي وأن فتح هذا الموضوع بعد سنوات قد يؤدي إلى مفاسد أعظم من المصلحة و أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. فماذا ترى؟ وهل يجوز لي التبرع بهذا المبلغ صدقة باسمها؟
3.هل شهادتي كاليمين الغموس؟ هل على يميني كفارة؟ هل ينبغي علي فعل أي شيء لتصحيح ذلك؟ وهل ما فعلته من عدم إفشاء ذلك بعد إتمام الطلاق لعدم أذاها صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصداق وهو العوض الواجب للمرأة على الرجل مقابل الاستمتاع، ويسمى كذلك الصَّدُقة والنحلة والمهر والفريضة والأجر، وسمي صداقاً لإشعاره بصدق رغبة الزوج في الزوجة .

والصداق يتقرر للمرأة كاملاً بأربعة أمور: بالخلوة والجماع والموت والمباشرة، فإذا عقد الإنسان على امرأة وخلا بها عن الناس ثبت المهر كاملاً لو طلقها، ولو عقد عليها ثم مات ولم يدخل بها ثبت لها المهر كاملاً، ولو عقد عليها وجامعها ثبت لها المهر كاملاً، ولو باشرها ثبت لها المهر كاملاً.

قال ابن قدامة في المغني: روى الإمام أحمد، والأثرم، بإسنادهما، عن زرارة بن أوفى، قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. انتهى.

بناء على ذلك أخي السائل فإن خلوتك بزوجتك ومباشرتك لها واستمتاعك بها قد أوجب لها المهر كاملا, والذي فهمناه من السؤال أن المهر كان قائمة الأثاث والشبكة وأنه ليس هنالك مهر زائد على هذا، فإن كان كذلك فهذا مهرها الذي ثبت لها، ويجب عليها العدة بعد الطلاق.

ولكن طالما وقع الطلاق منك على الإبراء من بعض المهر وتم ذلك بالتراضي بينكما فإنه لا يلزمك إلا ما اتفقتما عليه, وهو على ما ذكرته أنت الشبكة ونصف الأثاث الذي كنت اشتريته حتى لحظة الطلاق, وما عدا ذلك لا يلزمك منه شيء؛ لأنه أصبح حقا لك بتنازلها عنه.

وأما ما كان منك من شهادة أمام الشيخ بأنه لم يكن هناك خلوة ولا دخول فاعلم أنك بذلك قد أتيت منكرا من القول وزورا, وفعلت كبيرة من الكبائر التي تستوجب منك المبادرة بالتوبة إلى الله جل وعلا, وهذا من جنس قول الزور الذي نهانا الله عنه في كتابه قال سبحانه: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.{الحج:30}

روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا أحدثكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه قال: الإشراك باللّه وعقوق الوالدين، قال: وجلس وكان متكئا قال: شهادة الزرو أو قول الزور، قال فما زال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقولها حتى قلنا ليته سكت. صححه الألباني.

وكان عليك أن تشهد بالحق وبما حدث بينكما، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ {النساء:135}.

ولكن أما وقد حدث ما حدث فإنه لا يجوز لك الآن أن تفشي هذا الأمر بل عليك بكتمانه لأنك لو أفشيته الآن فربما أدى إلى إفساد حياة هذه المرأة وهدم أسرتها وهذا حرام لا يجوز.

والذي يجب عليك الآن هو المبادرة بالتوبة إلى الله جل وعلا والندم الشديد على ما كان منك من هذا الأمر, ثم أكثر بعد ذلك من الأعمال الصالحات فإنها مكفرات للذنوب. قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}

فهذا إن شاء الله يكون مكفرا لك ولا تلزمك كفارة يمين.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19695, 1955, 108422, 1224.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني