الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على الحالف هنا كفارة يمين لفوات المحلوف عليه بمانع عادي بعد اليمين

السؤال

دخلت إحدى المواضيع في أحد المنتديات وفي نهاية الموضوع كتب صاحب هذا الموضوع: والله لأرد على هذا الموضوع قبل لا أطلع، وجيت لأرد على الموضوع الكمبيوتر اختلط وخرج من الصفحة, فل علي كفارة أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حلف أنه سيفعل كذا ثم فات الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِمَانِعٍ عادي حادث بعد اليمين ـ كما هو الحال في هذا السؤال ـ حَنِثَ الحالف ولزمته الكفارة، خِلاَفًا لأَِشْهَبَ من المالكية، حَيْثُ قَال بِعَدَمِ الْحِنْثِ. ومن أمثلة ذَلِكَ: أَنْ يَحْلِفَ لَيَذْبَحَنَّ هَذَا الْكَبْشَ، أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ، فَسُرِقَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غُصِبَ، أَوْ مُنِعَ الْحَالِفُ مِنَ الْفِعْل بِالإِْكْرَاهِ . انظر الموسوعة الكويتية.

قال القرافي في الفروق: التَّعَذُّرُ الْعَادِيُّ أَوْ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَكُونُ الْفِعْلُ مَعَهُ مُمْكِنًا عَادَةً فَهَذَا مُنْدَرِجٌ فِي الْيَمِينِ؛ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ الْحَلِفَ اقْتَضَى الْفِعْلَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إخْرَاجِهِ...

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ: إنْ حَلَفَ لَيَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ، فَتُسْرَقُ، يَحْنَثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُمْكِنٌ عَادَةً وَإِنَّمَا مَنَعَهُ السَّارِقُ... وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ .

وقال ابن مفلح في الفروع: إِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شَيْئًا وَعَيَّنَ وَقْتًا أَوْ أَطْلَقَ، فَتَلِفَ أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتٍ يَفْعَلُهُ فِيهِ حَنِثَ... وَفِي الْمُغْنِي: إنْ تَرَكَهُ لِمَرَضٍ وَعَدَمِ نَفَقَةٍ وَهَرَبَ وَنَحْوُهُ حَنِثَ .

و الكفارة إنما تجب على الحالف لا على المحنث، فإن كان مراد السائل أن كاتب الموضوع هو الذي حلف عليه أن يردَّ قبل خروجه، فالكفارة عندئذ على الحالف لا عليه. وإن كان هو الذي حلف أن يرد قبل خروجه، فالكفارة عليه هو.

وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان أن الكفارة على الحالف لا على المحنث، وأن إبرار القسم يكون في المستطاع فقط، انظر منها الفتوى رقم: 8973، والفتوى رقم: 53209.

وكفارة اليمين هي على التخيير بين ثلاث خصال: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، لقول الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} وقد سبقت بعض الفتاوى في بيان كفارة اليمين انظر منها الفتوى رقم: 61678، والفتوى رقم: 26595.

ثم ننبه على أن مثل هذه الأمور والأحوال ينبغي أن نتجنب الحلف عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني