الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوقوع في حب الفتيات... مخاطره وطريق دفعه

السؤال

عندي مسألة تؤرقني كثيراً: أنا أصلي وأقرأ القرآن وأفعل الخير... أنا جد ملتزم.ولكنني أجببت فتاة والتقيت بها وفي بعض المرات قبلتها.كيف أتوقف عن التفكير في هذا الفعل الشنيع؟ وهل لا يجوز لي التفكير فيه؟ يعني هل هذا حرام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن المؤمن المصلي القارئ للقرآن الفاعل للخير لا يليق به أبداً أن يتعلق قلبه بغير الله تعالى، أو أن يفكر في معصية الله عز وجل، ناهيك أن يفعلها، أو يقترب منها.
وذلك أن إيمانه بالله تعالى يستلزم اليقين أنه سبحانه وتعالى هو المنعم المتفضل بجميع النعم الظاهرة والباطنة التي يتقلب فيها العبد، وأنه مطلع عليه في كل أحواله، علاَّم بمتقلبه ومثواه، قادر عليه، فيقتضي ذلك استحياؤه من الله تعالى أن يراه حيث نهاه، وأن يصرف نعمه التي أعطاه في غير ما يرضاه، وأن يعلق قلبه بما سواه سبحانه وتعالى.
كما يقتضي ذلك أيضاً خوفه من الله تعالى أن ينتقم منه في الدنيا بزوال نعمة عنه، وفي الآخرة بعذابه الأليم.
وصلاة المصلي يجب أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].
وكذلك تلاوته للقرآن يجب أن تكون مدعاة له للعمل بما فيه من أمر ونهي، مع التصديق بما فيه من وعد وعيد، فهو كلام الله تعالى ورسالته الخالدة إلى البشر جميعاً.
وعلى ذلك فنقول لك أيها الأخ الكريم: إن حل مشكلتك واقتلاعها من جذورها هو في المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى توبة نصوحاً، والمحافظة على الصلوات، وعلى إقامتها كما أمرك ربك، والإكثار من الأعمال الصالحة عموماً، ومن تلاوة كتاب الله تعالى خصوصاً، مع تدبر ما تضمنه من أسماء الله تعالى وصفاته وعجائب قدرته الدالة على عظمته وجلاله سبحانه وتعالى، والاعتبار بعبره وقصصه، والانتفاع بمواعظه وحكمه.
وعليك أن تعمر وقتك الذي هو رأس مالك وأغلى ما عندك بما ينفعك من أمر دنياك وآخرتك من تعلم علم نافع، أو فعل عمل صالح، أو اكتساب مال من حله.
وعليك أن لا تستسلم للأفكار والوساوس التي لا فائدة فيها إلا تحريك الشهوة وإثارتها، مما يؤدي إلى الاندفاع إلى الفاحشة والوقوع في مصائد الشيطان.
وعليك أن تختار رفقة صالحة تصاحبهم وتقضي معهم أوقات فراغك يدلونك على الخير، ويبعدونك عن الشر.
وعليك أن تبادر إلى الزواج إن كنت غير متزوج، واختر ذات الدين لتكون عوناً لك على طاعة الله تعالى.
وإن كانت هذه الفتاة قد تابت إلى الله تعالى مما قد حدث في الماضي، والتزمت بشرع الله، فلا حرج في أن تتزوج بها.
وعليك أن تبتعد عن صحبة الفساق ومجالستهم، وعن مواطن الفتن، وأسباب الإثارة.
فإنك إن فعلت ما ذكرناه لك انحلت مشكلتك، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك - إن شاء الله تعالى - وتخلصت من التفكير في ذلك الفعل الشنيع.
واعلم أن التفكير في هذا الفعل المحرم، والاسترسال فيه محرم هو الآخر، وهو من جملة الزنا، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه".
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني