الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تفضيل الولد في العطية جزاء لبره

السؤال

أنا متزوجة منذ 10 سنوات وزوجي مسافر بالسعودية منذ زواجنا يسافر ويرجع لمدة شهرين معنا فى العام ووالد زوجي رجل معاشه كبير وبعد وفاة حماتي طلب أن يتزوج كل أولاده رفضوا ماعدا زوجي فزوجة وأعطاه 1000 دولار و2000 جنيه واشترى له غرفة نوم فكتب له أبوه نصيبة من ميراث والدتة (الربع) وكان يقدر فى ذلك الوقت 1000 جنية وطلب أن يكون سر وكان ذلك منذ 16عاما وبعد مدة طلب منه أن يعطي زوجتة الجديدة 1000جنية فأعطاها وهذا الكلام منذ 16عاما والآن نصيب أبي زوجي أصبح 15000 لأن الأرض أصبحت مباني فقال له إرجعها لي لأنه سأل شيخا قال له المفروض أن توزعها على أولادك مع العلم بأن زوجي دفع أكثر من مرة ثمن هذا الربع فحماي رجل معاشة كبير وله أربعة أولاد وبنتان ولكن زوجي خجول جداً مع أبيه وهو يستغل ذلك ودائما يظلمه وباع كل أملاكه لابنه الصغير زوجه ويصرف على أولاده ويدفع له غازا ومياها وكهرباء ودواء لأولاده شهريا ونصف معاشه لزوجته في البنك ويخاف من باقي أولاده ما عدا زوجي وابنه الكبير دائما يطلب منهم فلوسا كثيرة ليعطي أولاده الآخرين ويعامل أولادهم معاملة جيدة ما عدا أولادي وكل مدة قليلة فلوس من زوجي وأخيه، أولادي صغار السن فى إبتدائي وحضانة وحماي لا يشبع ولا يقنع ويستغل كسوف زوجي ويقول عليه كلاما كذبا للناس يشعرك أنه عاق والله هو جيد ودائما يقوله أنت ومالك لأبيك وبفرض عليه أن يعطي أخواته البنات بدون داعي، مع العلم بأنهم ميسورون مادياً فهل من المعقول ذلك، وأخيراً طلب منه أن يجدد له الموبيليا ويشتري له ثلاجة وأنتريت ويرجع الأرض لما غضب عليه ويدعو عليه بصراحة حماي ظالم عنده 75سنة وشقته وفرشه أحسن مما عندنا ويدعو على زوجي، الآن زوجي لا يذهب عنده وخايف أن يكون عاقا وخايف إذا لم يرجع الأرض يكون فعله حراما وهو يريد أن يأكل عياله حلالا ولا يكون عاقا لكن حماي مفتر وطلباتة كثيرة وأولادي صغار، وهو يريد أن يصرف على عيالة الثانية وزوجتة تدخر فى البنك فأفيدوني لأني أريد أن أعرف الصحيح، وهل كل دعاء الأم والأب مستجاب حتى لو كانا ظالمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء في حكم تفضيل بعض الأبناء بالعطية دون البعض، وسبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 6242، وبيان أن الراجح قول من قال بوجوب التسوية، لكن لا بأس أن يخص الأب ابنا دون غيره بالهدية والعطية لمعنى يقتضي تخصيصه إن لم يكن على طريق الأثرة.

قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه. انتهى.

وبذا يتبين جواز ما فعله الأب مع ابنه -الذي هو زوجك- من تفضيل له في العطية جزاء لبره به ووقوفه معه في أمر زواجه ومواساته له في ذلك بالمال وغيره خلافاً لما فعل باقي إخوته من العقوق والعدوان بمنع أبيهم من حق أباحه له ربه جل وعلا.

وعلى هذا؛ فهذه الهبة هبة صحيحة، فلو كان زوجك قد حازها وأخذها فقد صارت ملكاً له، لكن إن أراد أبوه الرجوع في هذه الهبة فإن له الرجوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس لأحد أن يعطي عطية، فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وصححه الألباني...

ولكن ليس حق الرجوع للأب على الإطلاق بل بشروط منها أن تكون باقية في ملك الابن، ومنها ألا يدخل في التزام بسببها كأن يتزوج أو يدخل في تجارة ونحو ذلك، ومنها ألا يدخل الناس معه في التزام بسببها كأن يداينوه أو يزوجوه بسبب هذه الهبة، ومنها ألا يحدث الابن فيها حدثاً بالزيادة والنماء ونحو ذلك.

جاء في رسالة ابن أبي زيد: وله -أي الأب- أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم تنكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثاً. انتهى. وقد سبق بيان هذه الشروط بالتفصيل في الفتوى رقم: 21597.

فإذا انتفت هذه الأمور جاز للأب الرجوع في الهبة، وأما ما ذكرت من أن الأب مع غناه وعدم حاجته يأخذ من بعض أولاده المال له ولأولاده الآخرين فهذا لا يجوز، وقد يتعلق بعض الآباء في مثل هذا التصرف، بما رواه ابن ماجه وصححه الألباني من قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. والجواب أنه لا متعلق لهم بهذا الحديث وذلك لأن اللام في الحديث ليست للملك بل للإباحة.

قال ابن القيم في إعلام الموقعين: واللام في الحديث ليست للملك قطعاً، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطلت فائدته ودلالته. انتهى.

ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه، فلو كان ماله ملكاً لوالده لم يأخذ المال غير الأب، وليست الإباحة أيضاً على إطلاقها، بل هي بشروط بيناها بالتفصيل في الفتوى رقم: 25339.

فلو منعه الولد من أخذ الأموال في هذه الأحوال لا يكون عاقاً، أما دعاء الوالد على ولده بدون وجه حق فإنه حرام، ولا يستجاب إن شاء الله لقول النبي: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 26656.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني