الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصدقة بعد المصائب مطلوبة، ولكن....

السؤال

هل يجوز إذا الله نجى شخصا من مصيبة أن يتصدق لأن الله نجاه من هذه المصيبة، أم أن هذا من باب المعاملة غير الصحيحة مع الله، وأنه يجب أن تكون الصدقة غير معتمدة على النجاة من الحوادث، وأن هذا من البخل، وليس فيه دليل من السنة أن الرجل إذا نجا من محنة يتصدق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه يستحب لمن نجاه الله عز وجل من مكروه أن يشكر الله تعالى، فإن النجاة من المصائب نعمة من نعم الله تعالى، والشكر يكون باللسان والجوارح، فيشكر العبدُ اللهَ عز وجل بلسانه، ويستعمل لسانه وجوارحه في طاعة الله تعالى، ومن ذلك الصدقة على الفقراء والمساكين، قال الله عز وجل: وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ {يونس:21}

قال ابن عطية في تفسيره المسمى بالمحرر الوجيز: المراد بالناس في هذه الآية الكفار، وهي بعد تتناول من العاصين من لا يؤدي شكر الله تعالى عند زوال المكروه عنه، ولا يرتدع بذلك عن معاصيه ، وذلك في الناس كثير ، والرحمة هنا بعد الضراء كالمطر بعد القحط، والأمن بعد الخوف، والصحة بعد المرض ونحو هذا مما لا ينحصر ، والمكر الاستهزاء والطعن عليها من الكفار واطراح الشكر والخوف من العصاة. انتهى .

ولكن لا ينبغي أن يكون حال المسلم هو الاقتصار على شكر الله تعالى إذا نجاه الله تعالى من مصيبة ، بل يشكر الله تعالى على نعمه التي لا تحصى من جعله مسلماً ومعافاته في بدنه وغير ذلك.

قال الشوكاني في فتح القدير: وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: ادع الله يوم سرائك يستجاب لك يوم ضرائك ، وأقول أنا: أكثر من شكر الله على السراء يدفع عنك الضراء، فإن وعده للشاكرين بزيادة النعم مؤذن بدفعه عنهم النقم لذهاب حلاوة النعمة عند وجود مرارة النقمة . انتهـى .

كما أن الصدقة من فضائل الأعمال التي ورد الحث عليها في الكتاب والسنة، وينبغي للمسلم أن يكثر من التصدق في جميع الأحوال، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، قال الله تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:261}

وروى البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ من كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ الله إلا الطَّيِّبَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لصاحبها كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّهُ حتى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ .

ولمزيد التفصيل في بيان الشكر وكيفيته يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها :73736 ، 98415 ، 104738 ، 108293 ، 95127.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني