الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب القاضي من المجني عليه قبول تعويض عن الجناية

السؤال

هل يجوز شرعا مطالبة القاضي بأخذ تعويض مالي و معنوي من الجاني في قضية الشروع في القتل بطعنتين في البطن والكتف بأداة( السكين الحادة ) علما أن القضاء بأحكام قضائية وضعية وليس بالأحكام الشرعية المنصوص عليها في الكتاب الكريم والسنة المطهرة؟
ولكم الشكر والفضل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتضح لنا قول السائل: "مطالبة القاضي"

فإن كان يقصد: هل يجوز للقاضي مطالبة المجني عليه بأخذ تعويض مالي عن الجناية عليه بدلا من القصاص فإن ذلك لا مانع منه، بل يطلب من القاضي شرعا أن يعرض الصلح على المتنازعين لقول الله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا {الحجرات: 9} وقوله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء: 128} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا. رواه أبو داود وغيره. وقال عنه الألباني: حسن صحيح.

وقال صاحب تبيين المسالك وهو مالكي المذهب: يجوز الصلح عن جناية العمد بما قل أو كثر عن الدية. اهـ

ولا يجوز للقاضي أن يجبر المتخاصمين على الصلح أو يلح عليهما إلحاحا يشبه الإلزام.

ويجب عليه أن يمكن المجني عليه عمدا من القصاص لقول الله تعالى:.. وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة: 45} إلا إذا خشي في ذلك من موت الجاني فإنه يعدل إلى الدية، قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: والجائفة في البدن وهي التي تصل إلى الجوف، ليس فيها قصاص عند أحد من أهل العلم نعلمه.. وروى ابن ماجه في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا قود في المأمومة ولا في الجائفة، ولا في المنقلة. ولأنهما جرحان لا تؤمن الزيادة فيهما فلم يجب فيهما قصاص ككسر العظام. اهـ

وإذا كان القاضي يحكم بالأحكام الوضعية فلا يجوز للمسلمين أن يتحاكموا إليه بحال من الأحوال لقول الله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً {النساء: 59-60}.

وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى جواز اللجوء إلى المحاكم الوضعية لاسترداد الحقوق إذا لم يوجد غيرها بشرطين:

1- أن يتحاكم إليها وهو كاره مضطر إلى ذلك.

2- أن يأخذ حقه فقط ولا يزيد عليه.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 100303، 38757، 79060، 54281.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني