الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحالف بين المسلمين على التناصر والتعاون على الخير

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة..
فهل يدخل ضمن ذلك الأحزاب الدعوية والجهادية والتحالفات التي تقوم بينها مثلا كما تتحالف حماس مع الجهاد على أمور معينة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يعرف خلاف بين الفقهاء في أن التحالف بين أفراد المسلمين إذا كان على أن ينصر كل من الطرفين الآخر على الخير والشر، وعلى الحق والباطل، أو على أن يرث كل منهما الآخر دون ذوي قرابته، فإن ذلك الحلف يكون باطلا.

أما التحالف على الخير والنصرة على الحق وعلى الديات والتوارث لمن لا وارث له، فقد اختلف أهل العلم في جوازه بعد أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة. رواه مسلم.

أ - فذهب الحنفية إلى أنه لا بأس أن يحالف مسلم مسلما حتى بعد ورود هذا الحديث على العقل والميراث بوصف معين وعلى النصرة والنصيحة والرفادة وغير ذلك من أنواع التعاون. وقالوا: إن المراد بالحديث المذكور نفي الحلف على الأمور التي كانوا يتعاقدون عليها في الجاهلية وحظرها الإسلام، وهي أن ينصره على الحق والباطل ويرثه دون ذوي رحمه. وقالوا: إن ذلك مذهب عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم.

ب - وذهب جمهور الفقهاء إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث من أن أحلاف الجاهلية يستمر التناصر بها حتى بعد هذا الحديث، لكن لا يكون إلا تناصرا على الحق وتعاونا على الخير، ولا تقتضي ميراثا لكون التوارث بها منسوخا، لكن الأحلاف التي عقدت بعد ورود الحديث منقوضة، لكون هذا الحديث ناسخا لإجازة التحالف التي عمل بها في أول الإسلام، فقد أمروا أن لا ينشئوا بعد ذلك معاقدة، كما عبر ابن كثير.

ووجه ذلك أن الإسلام وحَّد بين المسلمين، فهو بمعنى تحالف شامل لكل المسلمين يقتضي التناصر والتعاون بينهم على من قصد بعضهم بظلم، لقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ. {الحجرات: 10}

10 - وذهب آخرون إلى أنه لا بأس أن يعقد حلف بين مسلم ومسلم على التناصر على الحق والنصيحة والتعاون على الخير حتى وإن كان ذلك بعد ورود الحديث المتقدم ولا توارث به.

قال النووي: المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى وإقامة الحق، هذا باق لم ينسخ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث: وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: لا حلف في الإسلام، فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه اهـ.

وعلى قول الجمهور فينظر في بنود الحلف، فما كان منها موافقا لأحكام الإسلام متضمَنا فيها، فيوفى به امتثالا للشرع لا عملا بالحلف.

ويرجى للأهمية مراجعة ضوابط مشروعية الانتساب إلى الجماعات الإسلامية في الفتوى رقم: 10157.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني