الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطع الحمل أو تأخيره خشية الفقر

السؤال

عدد الأطفال الكثير 6 , 8 , 9.... يؤثر على العائلة من الجانب المالي حيث تصعب معيشتهم و تعليمهم وتوفير حياة رخية لهم و تحديد النسل 4 , 5 ,3 ...... حرام و قد قال الرسول صلى الله عليه و سلم : (تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة) أريد أن أستفسر عن معنى الحديث بالضبط. وما هو عدد الأطفال الذين حددهم الرسول أو الإسلام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال يتعلق بمسألة تحديد أو تنظيم أو منع الحمل، ونجمل الإجابة على ذلك فنقول: إن منع الحمل على قسمين:

القسم الأول: قطع الحمل نهائياً، وهذا لا يجوز إلا إذا كان الحمل يسبب خطراً على حياة الأم، أو كانت الأم تعاني بسبب الحمل ما لا تطيقه ولا تتحمله من المشاق والآلام غير المعتادة عند عامة النساء.

والقسم الثاني: المنع المؤقت، وذلك جائز إذا كان من أجل إعطاء الأم قسطاً من الراحة بين الحملين. أو إعطائها فرصة لتربية الأولاد والاهتمام بهم، ونحو ذلك من الأمور المعتبرة شرعا.

أما قطع الحمل أو تأخيره لأجل الرزق فإنه لا يجوز عند عامة العلماء، لأن الله تعالى قد تكفل برزق الخلق جميعاً، فقال سبحانه: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود:6}. ويقول سبحانه: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ {العنكبوت:60}.

وقد ذكرنا قرار المجمع الفقهي حول تحديد النسل في الفتوى رقم: 636، وسبق تفصيل ما يجوز وما لا يجوز من تحديد أو تنظيم النسل في الفتاوى التالية أرقامها فلتراجعها: 1803، 16894 .

وأما عن الحديث المذكور فقد رواه عبد الرزاق في مصنفه وهو مرسل، والمرسل من أقسام الضعيف، وصح معناه في أحاديث كثيرة منها: ما ورد عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ لَا. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ:" تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ" رواه أبوداود والنسائي وصححه الألباني .

ومعنى الحديث: هو الحث على الزواج طلبا للأولاد لتكثر الأمة الإسلامية، فتزداد قوة ويزداد أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود:" (َإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) أي مفاخر بسببكم سائر الأمم لكثرة أتباعي" انتهى.

فالمباهاة المذكورة في الحديث تتحقق بكثرة التناسل في الأمة، ولا أحد يُنكر أن كثرة الأُمة سبب لعزتها وقوتها على عكس ما يتصوره أصحاب ظن السوء الذين يظنون أن كثرة الأمة سبب لفقرها وجوعها، فإن الفقر والجوع الحاصلين ليسا بسبب كثرة النسل، ولكن بسبب البعد عن شرع الله وانتشار الفساد، واستيلاء المفسدين على أموال الأمة، وسوء توزيع ثرواتها، وإلا فالأمة الإسلامية من أغنى الأمم في كل شيء .

وأما عن عدد الأولاد الذين حددهم الشرع، فلا يوجد نص يقتضي تحديد الأولاد أو يلزم بإنجاب عدد محدد، وراجع الفتوى رقم: 11479. ففيها بيان الفترة المثالية بين كل مولودين .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني