الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

نحن ثلاث بنات وثلاثة أولاد أشقاء، ولنا أخت أكبر منا من الأم، وقد توفي والدها وهي صغيرة، وكان لها عمل والدها ورث في أبيها المتوفي، فاشترت أمي حق العم بالإضافة لحقها الشرعي في زوجها المتوفي وبنت البيت من مالها، وتزوجت من أبي وظلت أختي من الأم معنا ولم نعرف أنها أخت من الأم إلا عندما كبرنا لحسن معاملة أبي رحمه الله لها وغيرته عليها مثل بقية بناته.
المهم تزوجت أختي من ابن خالي الذي كان زواج طمع وبدؤوا يحرضونها ضد أمي، وتطاولت أختي على أمي وعلينا، وقالت لو أننا إخوة لها من الأب كانت تركت نصيبها في البيت، بل الأدهى أنها أنكرت حق أمي فيما اشترته من عم أختي. بكت أمي ومرضت فترة حزنا على تربيتها في ابنة عاقة، فنحن لم ننكر حقها لكنها أخرجت أمي من البيت قهرا وأعطتها أربعة آلاف جنيه في حين أن حق أمي يزيد عن الثلاثين ألف. المهم لأمي قطعة أرض أسسها إخواني الأولاد وبنوا عليها عدة طوابق، ويريد أخي أن يكتب الأرض بالمبني عليها له ولشقيقيه، ومن أرادت من الثلاث بنات الشقيقات أخذ حقها مالا فقط فلها ذلك، ويرفض إعطاء الأخت الكبرى من الأم أي شيء بحجة أنها أخذت أكثر من حقها، وقد كانت بيننا وبين أختي هذه قطيعة دامت عدة سنوات وبفضل من الله تكلمت مع والدتي لتصفح عن بنتها وتطلب من إخوتي أن يزوروا أختهم لأنها صلة رحم، وعادت الصلة ولكن مع قلوب مجروحة وليس مثل قبل المشاكل.
هل يجوز لأخي ألا يعطي شقيقته من الأم أي شيء علما بأن والدتي مازالت على قيد الحياة؟
وإن فعل ذلك هل تأثم أمي لأنها موافقة على عدم إعطاء بنتها أي شيء، فقد أخذت أكثر مما تستحق على حد قول أمي؟
وهل يجوز لي أن أقدر حق أختي تلك وأن أعطيه لها من مالي الخاص لو رفض أخي وأمي؟
وهل بذلك لا تأثم أمي لو كان عليها إثم؟
أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقطعة الأرض التي بنى عليها إخوتك البيت، ملك أمّكم، أما البناء فما دام إخوتك قد قاموا به على نفقتهم، فإن لهم قيمته منقوضاً، وانظري الفتوى رقم: 49521، والفتوى رقم: 53514.

فما دامت أمّكم على قيد الحياة، فلا حقّ لكم في التصرّف فيها، وإنما الذي يملك التصرف أمّكم، فإذا أرادت أن تهبها لكم فالواجب عليها أن تعدل بينكم، والراجح عندنا أن العدل بين الأولاد يكون بإعطاء الذكر مثل حظ الأنثى، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 6242.

وأما عن حرمان أختكم لكونها قد أخذت فوق حقّها في بيت أبيها، فيجوز حرمانها بقدر ما أخذت فوق حقها، وكما يجوز حرمانها لأجل عقوقها، قال ابن قدامة: أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك المغني.

ولا شك أن عقوق الأم فسق بل هو من أكبر الكبائر، فلا إثم على أمك في حرمانها لذلك ، لكن الأولى ترك ذلك لما قد يترتب عليه من قطيعة وضغائن.

وإذا أصرت أمك على حرمانها، و أردت أنت التبرع بدفع نصيب أختك كاملاً فذلك من الإحسان الذي تؤجرين عليه.

وقد أحسنت حين سعيت للإصلاح بين أختك وأمها وإخوتها، فذلك من أفضل أعمال البر التي يحبها الله، فعليك بالمداومة على ذلك ابتغاء مرضاة الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني