الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في قضاء الصلوات الفائتة

السؤال

أنا صليت وعمري 20عاما وحتى الآن ملتزم بجميع الصلوات في المسجد فهل علي قضاء ما فاتني من الصلاة عن السنوات السابقة على المذهب الشافعي.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجبُ عليكَ قضاءُ ما فاتك من صلوات من وقت بلوغك حتى تبت إلى الله عز وجل وحافظت على الصلاة عند جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم.

ونقل النووي إجماع من يُعتد به من العلماء على ذلك، قال رحمه الله في شرح المهذب: أجمع العلماء الذين يعتد بهم على أن من ترك صلاة عمدا لزمه قضاؤها، وخالفهم أبو محمد علي بن حزم فقال: لا يقدر على قضائها أبدا ولا يصح فعلها أبدا، قال: بل يكثر من فعل الخير وصلاة التطوع ليثقل ميزانه يوم القيامة ويستغفر الله تعالى ويتوب، وهذا الذي قاله مع أنه مخالف للإجماع باطل من جهة الدليل، وبسط هو الكلام في الاستدلال له، وليس فيما ذكر دلالة أصلا. ومما يدل على وجوب القضاء حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في نهار رمضان أن يصوم يوما مع الكفارة. أي بدل اليوم الذي أفسده بالجماع عمدا. رواه البيهقي بإسناد جيد وروى أبو داود نحوه، ولأنه إذا وجب القضاء على التارك ناسيا فالعامد أولى. انتهى.

وبالغ النووي في تخطئة هذا القول، وتجهيل قائله، فقال كما في شرح مسلم: وشذ بعض أهل الظاهر فقال: لا يجب قضاء الفائتة بغير عذر، وزعم أنها أعظم من أن يخرج من وبال معصيتها بالقضاء، وهذا خطأ من قائله وجهالة. انتهى.

وفي المسألة خلافٌ مشهور، وممن اختار عدم لزوم القضاء شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وانتصر له ابن القيم في كتاب الصلاة، والراجحُ عندنا هو القول الأول وهو لزوم القضاء.

ثم اعلم أن الشافعية يرون وجوب قضاء الفائتة عمداً على الفور، هذا هو الصحيح من مذهبهم، قال النووي: وإن فوتها بلا عذر فوجهان كما ذكر المصنف أصحهما عند العراقيين أنه يستحب القضاء على الفور، ويجوز التأخير كما لو فاتت بعذر وأصحهما عند الخراسانيين أنه يجب القضاء على الفور، وبه قطع جماعات منهم أو أكثرهم. ونقل إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه، وهذا هو الصحيح; لأنه مفرط بتركها، ولأنه يقتل بترك الصلاة التي فاتت، ولو كان القضاء على التراخي لم يقتل. انتهى.

ثم إن الترتيب في قضاء الفوائت لا يجبُ عند الشافعية وإنما يُستحب قال الشيرازي في المهذب: والمستحب أن يقضيها على الترتيب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق فقضاها على الترتيب، فإن قضاها من غير ترتيب جاز لأنه ترتيب استحق للوقت فسقط بفوات الوقت كقضاء الصوم. وإن ذكر الفائتة وقد ضاق وقت الحاضرة لزمه أن يبدأ بالحاضرة لأن الوقت تعين لها فوجبت البداية بها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني