الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوضوء بماء غريب وماء اللقاح

السؤال

ما حكم الوضوء من الماء المسمى بماء غريب ماء اللقاح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فماءُ غريب وكذا ماءُ اللقاح ، وهو المعتصرُ من النخل مما لا يجوزُ التطهر به عند الجماهير ، لأنه لا يصدق عليهما اسم الماء المطلق ، وقد نص العلماء على عدم جواز التطهر بالماء المعتصر ، ونقل بعضهم الإجماع على ذلك.

قال ابن المنذر في الإجماع :أجمعوا على أن الوضوء لا يجوز بماء الورد وماء الشجر وماء العصفر، ولا تجوز الطهارة إلا بماء مطلق يقع عليه اسم الماء. انتهى.

وفي المسألة خلافٌ ذكره بعضُ العلماء ، وإن كان الجماهيرُ على المنع ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُعْتَصَرًا مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَمَرٍ ، أَوْ وَرَقٍ استعماله في الطهارة ؟ ، كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْبُقُولِ الْفَوَاكِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي حَدَثٍ ، وَلَا نَجَسٍ ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَالْأَصَمِّ ، أَنَّهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي إِزَالَةِ النَّجَسِ دُونَ الْحَدَثِ ، فَأَمَّا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَصَمُّ فَاسْتَدَلَّا بِأَنَّهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا كَالْمَاءِ. انتهى.

وممن ذهبَ إلى جواز التطهر بالماء المعتصر ، ومنه الماء المسؤول عنه شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، جاء في الاختيارات العلمية : تجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء وبمعتصر الشجر، قاله ابن أبي ليلى، والأوزاعي، والأصم، وابن شعبان.انتهى

وقال الحافظ ابن رجب ضمن مفردات شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ذيل طبقات الحنابلة :
"اختار ارتفاع الحدث بالمياه المعتصرة كماء الورد ونحوه.انتهى.

وقول جماهير أهل العلم أولى أن يُعمل به ، ولم يُنقل عن أحد من السلف استعمال الماء المعتصر في الطهارة ، ولو كان جائزاً لفعلوه ، ولأنه لا يقعُ عليه اسم الماء المطلق ، وانظر الفتوى رقم 37375.

قال النووي في شرح المهذب: وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ ( وهي قوله تعالى { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } )، وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يَعْدَمُونَ الْمَاءَ فِي أَسْفَارِهِمْ وَمَعَهُمْ الدُّهْنُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ مَاءٍ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَاءِ، فَإِنَّ الْمَاءَ جَمَعَ اللَّطَافَةَ وَعَدَمَ التَّرْكِيبِ مِنْ أَجْزَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ بِالْإِجْمَاعِ، فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى إنْ صَحَّ عَنْهُ، وَأَمَّا الْأَصَمُّ فَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني