الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من خان رجلاً في أهله

السؤال

أيها الأفاضل، منذ زمن اقترفت الفاحشة مع أجنبية، وندمت وتبت، ولا أزال أعيش كابوس الندم من هذه الغلطة العظيمة، لكن الفظيع الجديد بأنها اعترفت لزوجها بالذي كان، وزوجها يهددني ولن يسامحني حسب قوله. فماذا بالله عليكم أفعل؟ وإني والله قد تبت من زمن قبل أن تعلم زوجها، وهذا الذنب يقض مضجعي ليل نهار ويحرمني من أي لحظة صفاء، وإني أخشى على نفسي وأهلي من الفضيحة، وإني من قبل أن أرتكب الفاحشة لا أترك صلاة ولا عمل خير يلهمني الله إياه، ضقت ذرعا بنفسي ولا أعلم ماذا أفعل؟ اعتمرت ثلاث مرات، وصمت، وتصدقت بنية أن يغفر الله لي ويصرف عني كيد هذا الأمر، وإني صراحة أخشى أن يفضح هذا الرجل أمري ويرفعه إلى السلطات، هل أحد في هذه الحالة لا تتصور سيدي حالة الاكتئاب والجزع التي أنا فيها رغم أني ما تركت الدعاء والاستغفار يوما واحداً، فهل من مخرج؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحسنا فعلت حين تبت إلى الله تعالى من هذا الجرم العظيم ألا وهو الزنا، وفعله مع امرأة ذات زوج يجعله أشد إثماً، ولتكن توبتك هذه توبة نصوحاً تتوفر فيها شرائط التوبة والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 5450.

ولعلك تعي من هذا الفعل درساً تتعلم منه كيف أن الشيطان يقود المسلم إلى المعصية ليوقعه بعد ذلك في الحسرة والندامة، وغالباً ما يقود الشيطان الإنسان تدريجياً إلى الوقوع في الفاحشة، فيبدأ الأمر بنظرة خائنة مثلاً وينتهي بفعل الفاحشة، ولذا قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ. {النور:21}.

واجتهد في أن تهون على نفسك، وأن تستحضر أن رحمة الله ومغفرته لا يتعاظمهما ذنب، فأحسن الظن بربك فهو عند حسن ظن عبده به، واسأله أن يستر عليك في الدنيا والآخرة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1882.

والواجب عليك أن تستر على نفسك ولا يلزمك الاعتراف بارتكاب الزنا ولو رفع أمرك إلى السلطان، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله.

ولو قدر أن سئُلت فيمكنك أن تنفي ذلك مستخدماً معاريض الكلام كأن تنفي أنك قد زنيت بها تعني أنك قد تبت من هذه المعصية.

ومن خان رجلاً في أهله وجب عليه أن يستسمحه، إن لم يترتب على ذلك مفسدة، وقال بعض العلماء بعدم وجوب ذلك مطلقاً، فإن أمكنك تحسين علاقتك مع زوج هذه المرأة ثم تستسمحه بعد ذلك من وجه عام فبها، وإن لم يمكن ذلك فاستغفر له وادع له بخير، وأكثر من عمل الصالحات.

قال صاحب كتاب تحفة الحبيب: ثم رأيت الغزالي قال فيمن خانه في أهله أو ولده أو نحوه: لا وجه للاستحلال والإظهار، فإنه يولد فتنة وغيظاً، بل تفزع إلى الله تعالى ليرضيه عنك. أقول: الأقرب ما اقتضاه كلام الغزالي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني