الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي عن زوجتين وخمسة أبناء وثلاث بنات.

السؤال

الرجاء حساب الميراث على النحو التالي: للميت وارثون من الرجال:(ابن) العدد 5.(ابن أخ من الأب) العدد 1. (ابن عم شقيق) العدد 1.للميت وارثات من النساء:(بنت) العدد 3.(زوجة) العدد 2.(أخت شقيقة) العدد 4.(أخت من الأب) العدد 2.معلومات الحمل في أقارب الميت هي:(حمل لزوجة ابن الميت)، ووصية تركها الميت تتعلق بتركته، وهي: وصى كتابيًا بفدان ونصف في الأرض السمراء لأحد أبنائه من الزوجة الثانية، مقابل أنه قد زوج ابنه الأكبر من الزوجة الأولى، وكذلك وصى بإيجار 5 أفدنة من الأرض الصحراوية لمدة 5 سنوات لنفس الابن من الزوجة الثانية، مقابل أنه قد اشترى مكتبًا لنفس الابن من الزوجة الأولى، علمًا بأن التركة كلها ثلاث أفدنة ونصف في الأرض السمراء، و18 فدانًا ونصف الفدان في الأرض الصحراوية.معلومات عن ديون على الميت: الديون كلها ديون لبنك التنمية الزراعي بفوائد ثابتة، والوصايا كلها بعقود غير مسجلة، والزوجة الثانية كانت طماعة وسيئة الخلق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فوصية الرجل ببعض تركته (الأرض والإيجار) لأحد أبنائه، هي وصية لا عبرة بها، سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة؛ لأنها وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعًا، كما فصلناه في الفتوى: 124867.

وكونه زوَّج أحد أبنائه، هذا لا يبرر تلك الوصية، كما بيناه في الفتوى المشار إليها، وإذا كان الميت قد ترك دينًا عليه -كما جاء في بيانات السؤال-، فإنه يجب قضاء دينه من التركة قبل قسمتها على الورثة، فيخرج قدر الدين، ويقتسم الورثة الباقي، لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، لقول الله تعالى في آيات المواريث: ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ... {النساء:11}.

قال صاحب الروض: (وَيُخْرِجُ) ‌وصيٌّ، ‌فوارثٌ، ‌فحاكمٌ (الوَاجِبَ كُلَّهُ، مِنْ دَيْنٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِهِ)؛ كزكاةٍ ونذرٍ وكفارةٍ، (مِنْ كُلِّ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ)؛ لقولِهِ تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ). اهـ.

وإذا كان القرض الذي عليه قرضًا ربويًا، فالواجب هو تسديد رأس الدين فقط، دون الزيادة الربوية، كما بيناه في الفتوى: 116405.

وإذا كان الرجل قد توفي عن زوجتين وخمسة أبناء وثلاث بنات، ولم يترك أبًا ولا أمَّا ولا جدًا ولا جدة، فإن لزوجتيه الثمن بينهما بالسوية، لقول الله تعالى في نصيب الزوجات: ... فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ... {النساء: 12}، والباقي يقسم بين أبنائه وبناته -تعصيبًا- للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .... {النساء:12}، ولا شيء للأخوات الشقيقات، والأخوات من الأب، وابن الأخ من الأب، وابن العم الشقيق؛ لأنهم جميعًا محجوبون حجب حرمان بالفرع الوارث الذكر (الابن) الذكر. وكذا لا شيء لحمل زوجة ابن الميت -سواء ولد ذكرًا أو أنثى-؛ لأنه محجوب حجب حرمان بالابن المباشر.

فتقسم التركة على (208) أسهم؛ للزوجتين الثمن (26) سهمًا، لكل واحدة (13) سهمًا، ولكل ابن (28) سهمًا، ولكل بنت (14) سهمًا.

وأخيرًا ننبه السائل إلى أنه لا يجوز له أن يغتاب زوجة أبيه ووصفها بأنها طماعة أو سيئة الخلق، حتى لو كانت متصفة بذلك، لأن هذا من الغيبة، ولا حاجة لذكر هذه الغيبة في السؤال. وانظر الفتوى: 98340.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًا وشائك للغاية، وبالتالي؛ فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني