الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن......)

السؤال

ما تفسير قوله تعالى: والمشركة لا ينكحها إلا مشرك؟ علماً أن الإسلام أحلَّ زواج المسلم من أهل الكتاب (المسيحية)- وقد لوحظ أن كثيراً من الرجال المسلمين حين يتزوجون مسيحيات، فإن أولادهم -سواء بنات أو صبيان- يتخبطون ما بين الديانتين، وتزرع الأم حبَّ الدين المسيحي في أطفالها من وراء زوجها، والله -عزَّ وجلَّ- يقول: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم.
فكيف يتزوج الرجال منهن؟ وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج من مسيحية، فلا شك أن زواجه لحكمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما ذكرته من قولك: (والمشركة لا ينكحها إلا مشرك)، ليست آية في كتاب الله، والذي في كتاب الله هو: وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور: 3}. وتفسيرها تجده في الفتوى: 5662.

وقوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ {البقرة: 221}، وأظنها الآية التي تريد السؤال عنها، وتفسيرها هو: أن الله نهى عباده المؤمنين أن يتزوجوا بالمشركات، وأن المؤمنة ولو كانت أَمَةُ خير من المشركة ولو أعجبت الناس، وعلل ذلك بقوله -سبحانه-: أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ {البقرة: 221}، واستثنى الله -تعالى- من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات).

قال ابن كثير: هذا تحريم من الله -عزَّ وجلَّ- على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان، ثم إن كان عمومها مراداً، وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية، فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين [المائدة:5].

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن. استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب، وهكذا قال مجاهد، وعكرمة، وسعيد، بن جبير، ومكحول، والحسن، والضحاك، وزيد، بن أسلم، والربيع بن أنس، وغيرهم، وقيل: بل المراد بذلك عبدة الأوثان، ولم يرد أهل الكتاب بالكلية، والمعنى قريب من الأول. والله أعلم. انتهى.

وأما السؤال الثالث؛ فالجواب عنه هو: أن رسول الله -صلى عليه وسلم- لم يتزوج بامرأة مسيحية قط، ولا يهودية، فحتى صفية بنت حي بن أخطب اليهودي، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوجها مسلمة، وانظر الفتوى: 6955.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني