الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المسافر إذا قدم صائما ثم جامع فما حكمه

السؤال

أسكن في بلدة تبعد عن الرياض 280 كم وسافرت في نهار رمضان لإحضار زوجتي بعد طول سفر من مطار الرياض ورجعت بها إلى محل إقامتنا بهذه البلدة مرة أخرى وجامعتها جماعا كاملا مع الإيلاج، ولكن لم يحدث إنزال على الإطلاق، مع العلم بأننا لم نفطر، لكوننا كنا مسافرين، واستفتيت أحد علماء البلد الذي أسكن فيه وهو معروف بالفتوى وله موقعه على النت للفتوى، فقال: إن الإيلاج فيه خلاف بين العلماء، فهناك من العلماء من يرى بأن الإيلاج ـ أنزل صاحبه أو لم ينزل ـ يوجب القضاء والكفارة، وأن بعض العلماء يرى بأن الإيلاج دون إنزال ليس بملزم للكفارة وعليه القضاء تحرزا والتوبة, ويمكنك الأخذ بالرأي الآخر, وكان هذا في رمضان الماضي عام 1429 هـ وحتى اليوم لم أفعل شيئا أنا وزوجتي سوى القضاء عملا بتلك الفتوى ولم نؤد الكفارة، فهل ترون في ما ذكرته بأسا؟.
أرجو توجيهي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في المسافر إذا رجع لبلده وهو صائم، فذهب المالكية إلى أنه يحرم عليه الفطر وإذا أفطر يجب عليه القضاء والكفارة، كما نص عليه مالك في المدونة وبسطه شراح مختصر خليل، وللشافعية قولان في جواز الإفطار وعدمه ذكرهما النووي في المجموع والأصح عدم الجواز.

قال النووي: إذا قدم المسافر وهو صائم، هل له الفطر؟ فيه وجهان مشهوران وأصحهما عند القاضي أبي الطيب وجمهور الأصحاب لا يجوز. انتهى.

وأما الأحناف فيكره عندهم الفطر، كما قال الكساني: ولا يجب عندهم الإ القضاء، كما نص عليه الجصاص والسرخسي.

قال السرخسي في المبسوط: مسافر أصبح صائما في رمضان ثم أفطر قبل أن يقدم مصره أو بعد ما قدم فلا كفارة عليه. انتهى.

وأما الحنابلة فقد جزم ابن قدامه في الكافي بعدم جواز الفطرعندهم، وإذا لم يكن جائزا فالظاهر من كلامهم وجوب الكفارة، كما قال صاحب الروض المربع: ومن جامع في نهار رمضان ولو في يوم لزمه إمساكه ولو ناسيا أو جاهلا أو مكرها فعليه القضاء والكفارة. انتهى.

فتجب الكفارة عند المالكية والحنابلة وكذا الشافعية في أحد القولين فهي إذن مذهب أكثر أهل العلم فالصواب أداؤها، قال النووي في الروضة: ولو أصبح مقيما صائما ثم سافر لم يجز له فطره وبه قال غيره من أصحابنا فعلى الصحيح لو أفطر بالجماع لزمته الكفارة.

ولا تجب عند الأحناف.

وأما التفريق بين الجماع الذي حصل به الإنزال وبين الجماع الذي لم ينزل صاحبه، فلا نعلم أحدا قال به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني