الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قرارات المجامع الفقهية والإفتاء في ذبائح الأوربيين

السؤال

أنا أعيش في مدينة أوربية، وهنا يوجد لدينا خلاف على أمر الطعام ( اللحم) ..فالمسؤولين عن أمور المسلمين حرموا أكل اللحم المحلي على أساس مشاهدتهم للذبائح وأنها تموت أثناء الصعق قبل الذبح... واللحم البديل الحلال ليس بجودة المحلي وبسعر أغلى قليلا من اللحم المحلي.. فماذا نفعل؟ بعض الأشخاص قاموا باتباع فتاوى العلماء كالشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمد العريفي بجواز أكل اللحم على أساس أنه طعام أهل الكتاب ولم يتبعوا ما أقره المسؤولون عن المسلمين في هذه المدينة فكيف نتصرف؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فذبائح أهل الكتاب حلال إذا حصلت الذكاة الشرعية، فإن تخلفت الذكاة الشرعية صار حكم ما ذبح حكم الميتة، كما في حال الموت بالصعق. وإذا استفاض الخبر بكون اللحوم المحلية عندكم لا تذكى بطريقة شرعية بحيث يغلب على الظن صدق ذلك، فيجب حينئذ الاحتياط بعدم أكلها استبراءً للدين. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 124805 ، 30570 ، 2437 .

وكذلك إذا أخبر الثقة من المسلمين ـ ولا سيما إن كان مسئولا عن أمورهم في بلاد الغرب ـ بطريقة الذبح التي شاهدها فلا بد من قبول خبره ويجب العمل به، فخبر الثقة الواحد مقبول، وقد سبق ذكر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 36840. وبيان أن الأئمة جميعاً يدينون بخبر الواحد العدل حتى في الاعتقادات، في الفتوى رقم: 68449 .

وقد أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا عن حكم الذبائح المستوردة من بلاد الكفار، نشر في مجلة البحوث الإسلامية، وجاء فيه ضمن فتوى للشيخ ابن عثيمين عن إجراء ما ذبحه من تحل ذبيحته على أصل الحل، ما مختصره: هذا المقام له ثلاث حالات:

الحال الأول: أن نعلم أن ذبحه كان على الطريقة الإسلامية، بأن يكون ذبحه في محل الذبح وأن يذكر اسم الله عليه، ففي هذه الحال المذبوح حلال بلا شك. وطريق العلم بأن ذبحه كان على الطريقة الإسلامية: أن نشاهد ذبحه أو يخبرنا عنه من يحصل العلم بخبره.

والحال الثانية: أن نعلم أن ذبحه على غير الطريقة الإسلامية مثل أن يقتل بالخنق أو بالصعق أو بالصدم أو بضرب الرأس ونحوه، أو يذبح من غير أن يذكر اسم الله عليه ففي هذه الحال المذبوح حرام بلا شك ... وطريق العلم بأنه ذبح على غير الطريقة الإسلامية أن نشاهد ذبحه أو يخبرنا عنه من يحصل العلم بخبره ... اهـ.

وجاء في (فتاوى الأزهر) عن اللحوم المستوردة: إذا ذكرت شائعات فإنه عندئذ يلزمنا التحري. وفي هذه الحالة استفاضت الشائعات أن أوروبا ( وهي أهل كتاب ) تستعمل وسائل غير الذبح، فلا يصح إهمال ذلك بعدم السؤال، بل ينبغي التحري. اهـ.

وأما ما يتعلق بفتوى الشيخ القرضاوي فإن فتوى المجلس الأوربي للإفتاء برئاسة الشيخ جاءت موافقة لما ذكرناه.

وإليك نص قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث:-
ناقش المجلس باستفاضة تامة هذا الموضوع المهم الذي أثار كثيراً من الجدل والخلاف حول مدى شرعيته، وتوصل إلى ضرورة حرص المسلمين على الالتزام بشروط التذكية كما جاءت بها الشريعة الإسلامية، إرضاءً للرب سبحانه، ومحافظة على شخصيتهم الدينية مما تتعرض له من أخطار، وصوناً لأنفسهم من تناول المحرمات.
وبعد استعراض طرائق الذبح المتبعة وما يتضمنه الكثير منها من مخالفات شرعية تؤدي إلى موت عدد غير قليل من الحيوانات، لا سيما الدجاج، فقد قرر المجلس عدم جواز تناول لحوم الدواجن والأبقار، بخلاف الأغنام والعجول الصغيرة فإن طريقة ذبحها لا تتنافى مع شروط الذكاة الشرعية في بعض البلدان.
اهـ .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني