الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأخير الإنجاب خوفا من زيادة المرض بسبب تحمل مسؤولية الأولاد

السؤال

عمري 33 سنة، ومقبل على الزواج، وأريد أن أسأل عن العزل وتأجيل الإنجاب، حيث إنني أعاني من مرض نفسي وهو الاكتئاب والقلق، لكنه خف منذ 3 أشهر ـ ولله الحمد ـ ولا أتناول الأدوية حاليا، وأصبحت أعيش كباقي المسلمين، وبدأت حياة جميلة، وعزمت أن أحصن نفسي بالحلال وذلك للقضاء على المرض وإرضاء الله عز وجل، وكل شيء على ما يرام إلا أن هناك ما يقلقني وهو المسؤولية في إنجاب الأولاد والعناية الدائمة بهم والتي أراها عظيمة، خاصة في العام الأول، فمن الممكن أن زيادة المسؤولية والقلق لا إرادي يعيد إلي المرض من جديد وأصبح في دوامة، فأفتوني، ماذا أفعل؟ فهل أؤجل الزواج حتى أشفى تماما؟ أم أتزوج وأنجب؟ أم أقوم بتأجيل الإنجاب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا بيان حكم العزل، فراجع فيه الفتوى رقم: 1803، ولا بأس بتأخير الإنجاب لتحقيق مصلحة معينة، وإذا كان بوسيلة مباحة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 59744.

وأما الزواج: فمن الخير الذي ينبغي المبادرة إليه، وحكمه يختلف باختلاف أحوال الناس، كما هو مبين في الفتوى رقم: 3011، وعلى كل حال فإننا ننصحك بالمبادرة إلى الزواج، فإن الزواج فيه سكن واستقرار نفسي، ولذا فقد يجعله الله تعالى سببا للشفاء التام من هذا المرض، قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

ولا نرى لك تأخير الإنجاب لمجرد ما ذكرت من أمر الخوف من عودة المرض.

فإنك إذا تزوجت من امرأة صالحة، فإنها تعينك في تحمل أعباء المسؤولية، وتخفف أعباء الحياة، ولذا ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزواج من ذات الدين، فقال: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.

وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.

ونوصيك بالاستعانة بالله تعالى في جميع أمورك، وأن تحرص على استشارة ذوي الرأي والعقلاء من الناس، فبين الاستخارة والاستشارة يمكن النجاح، وقد قيل: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.

وانظر الفتوى رقم: 19333 ، وهي عن الاستخارة في النكاح.

وأخيراً نذكرك بالحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: من جعل الهموم هماً واحداً هم آخرته، كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني