الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسقط ملكية المال بالإبراء

السؤال

أعطى والدي قرضا لزوج أختي، وكتب عليه ورقة بقيمة الدين، وبعد عدة سنوات قطع والدي الورقة، وأشهد والدتي وأختي أنه تنازل عن هذا الدين. ثم توفي والدي رحمه الله بعدها بمدة طويلة، بعد الوفاة أصر زوج أختي أن يقضي الدين بعد أن تيسر له ذلك، فهل يصح أن نأخذ هذا المال، وإن أخذناه فهل يعتبر إرثاً، أم يعتبر أننا نعدل في عطاء أبينا لبناته، بأن نقسم المبلغ علينا نحن بناته الأربعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الدين إذا ثبت في ذمة المدين فإنها تبقى مشغولة بالدين، ولا تبرأ إلا بحصول أحد أسباب انقضاء الدين، ومنها الإبراء، وهذا يتم بإيجاب من الدائن، ولا يحتاج إلى قبول من المدين غير أنه يرتد برده، لأن الإبراء عن الدين إسقاط من وجه، وتمليك من وجه آخر، فمن جهة كونه إسقاطاً لا يتوقف على القبول، وباعتباره تمليكاً يرتد بالرد، لأن المرء لا يجبر على إدخال شيء في ملكه بغير رضاه إلا في الإرث، كما في الموسوعة الفقهية، وجاء في مجلة الأحكام العدلية: لا يتوقف الإبراء على القبول ولكن يرتد بالرد فلذلك لو أبرأ أحد آخر فلا يشترط قبوله، ولكن إذا رد الإبراء في ذلك المجلس بقوله: لا أقبل الإبراء يكون ذلك الإبراء مردوداً، يعني لا يبقى له حكم. لكن لو رده بعد قبول الإبراء فلا يرتد الإبراء. انتهى.

وقد حصل -كما هو ظاهر السؤال- قبول لهذا الإبراء من المدين في حياة الدائن، وعليه فلم تعد ذمة هذا الزوج مشغولة بدين، حتى لو أن الوالد نفسه في حياته تراجع عن تنازله وإبرائه بعد قبول المبرأ والإشهاد عليه لم يكن له ذلك.

وعلى ذلك فلا يصح أن يؤخذ من زوج الابنة هذا المال على أنه دين لأبيكم عنده، لأن أباكم لم يعد مالكاً له في حياته بعد الإبراء.. وبالتالي فليس هذا المال من تركته أو ميراثه.. ولكن إن أحب هذا الزوج أن يكافئ ويجزي الحسنة بمثلها، فوهب لورثة من أحسن إليه بالقرض شيئاً من المال مساوياً أو أكثر أو أقل من قدر الدين فله ذلك، ولا يلزمه أن يسوي بين الورثة ولا أن يلتزم بأنصبتهم في الميراث، أما مسألة العدل بين الأبناء في العطية فلا تتأتى هنا، فإن هذا المال إنما أعطاه الوالد لزوج ابنته لا لابنته، ثم إنه كان على سبيل القرض لا العطية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني