الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا عذر للمكلف في ترك العبادة الواجبة في حال اختياره

السؤال

شخص بالغ عاقل يعرف الإسلام وقواعده، عليم بشرع الله بصير به ثم أصابته فتنة عظيمة جدا ـ أعظم من فتنة المسيح الدجال ـ وهذه الفتنة جعلته ـ رغم أنفه ـ يترك الصلاة والصيام وفعل الخيرات، لهذا السبب، ومن أجل أن يمتنع عن الشرك، وهو لا يحب أن يترك الصلاة ولا الصيام، بل يحب أن يقيم الصلاة والصيام ويحب أن يعمل الخير، ولكن السبب الذي ذكرته صده عن ذلك، وهولا يترك العبادات والوجبات عمدا، بل خشية الشرك منعته من ذلك، ثم إن شبهته وفتنته لا يعلم حكمها في الإسلام وبحث ولم يجدها أبدا، فهل هذا الشخص يعذر عند الله ويكون حكمه كحكم أصحاب الفترة ويعفو الله عنه ولا يخلده في النار، لأنه ترك الطاعة خشية الشرك؟ ولأنه يتمنى أن تزول شبهته وفتنته فيعبد الله ويفرح بعبادته، فما هو حكمه؟ وهل هو خالد في النار؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال غامض والمقصود منه غير ظاهر، ولا ندري كيف امتنع هذا الشخص عن العبادات الواجبة اتقاء الشرك ـ كما يقول؟ وحتى يتبين لنا المقصود ننبهك إلى أمور:

أولا: لا توجد فتنة في الحياة الدنيا أعظم من فتنة المسيح الدجال، لقوله عليه الصلاة والسلام: إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فنة الدجال. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

ثانيا: لا توجد شبهة أو فتنة إلا ولها حكم في هذا الدين، لقوله تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ {النحل: 89}.

على أنه لا يوجد أي مسوغ يسوغ للمكلف ترك العبادة الواجبة في حال اختياره، وكان الواجب على ذلك الشخص أن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النحل: 43}.

ثالثا: حكم تارك الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض مع إقراره بوجوبها، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 27799، ورقم: 25145.

رابعا: لا يخلد في النار إلا الكافرون، كما بينا في الفتوى رقم: 21480، وهذا من حيث العموم.

أما الشخص المعين: فلا نقطع له بجنة ولا نار، قال الصنعاني في رفع الأستار بعد ذكره لأثر ابن عباس وهو قوله: لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا، مراده: لا يحكم على معين أنه من أهل الجنة ولا أنه من أهل النار، وكأنه يريد غير من حكم الله ورسوله عليه بأحد الدارين كإخباره صلى الله عليه وسلم أن العشرة من الصحابة من أهل الجنة، وكإخبار الله أن أبا لهب سيصلى نارا ذات لهب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني